الله خير من حفظكم. ومن قرأ (حافظ) أي خير حافظ ، وكلّا نصب على التمييز ، (وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (٦٤). قال كعب : (لمّا قال يعقوب : والله خير حافظا ، قال الله تعالى : وعزّتي لأردّنّ عليك كلاهما بعد ما توكّلت عليّ).
قوله تعالى : (وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ ؛) أي لما فتحوا أوعيتهم وجدوا دراهمهم ردّت إليهم ، (قالُوا ؛) لأبيهم : (يا أَبانا ما نَبْغِي ؛) أي ما نظلم ولا نكذب في ما أخبرناك به أنّ ملك مصر أكرمنا وألطفنا ، وهذا إذا كان قوله : (ما نَبْغِي) من البغي ، فأما إذا كان من الطلب ، فمعناه الاستفهام دون الجحد ، وموضع (ما) نصب تقديره أيّ شيء نريد ، وفي قراءة عائشة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : [ما نبغي معناه ما نطلب](١).
قوله تعالى : (هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا ؛) ابتداء كلام معناه : دراهمنا وهي ثمن الطعام الذي اشتريناه بمصر ردّت إلينا ، وقوله تعالى : (وَنَمِيرُ أَهْلَنا ؛) أي نمتار لأهلنا ، بقوله مار فلان لأهله إذا حمل إليهم قوتهم من غير بلدة. ومن قرأ (نمير) بضم النون ، أي نجعلهم أصحاب ميرة ، (وَنَحْفَظُ أَخانا ؛) من أن يضيع ، (وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ؛) إذا كان هو معنا ، وسمي الحمل كيلا ؛ لأنه يكال. قوله تعالى : (ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) (٦٥) ؛ أي هيّن سريع لا حبس فيه إن أرسلته معنا.
قوله تعالى : (قالَ ؛) لهم يعقوب : (لَنْ أُرْسِلَهُ ؛) بنيامين ، (مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً ؛) أي تعطوني عهدا وثيقا ، (مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ ؛) لتردّنّه عليّ ، (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ ،) ينزل بكم أمين السّماء والأرض لا تقدرون على دفع ذلك ، (فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ ؛) أي لما حلفوا ، (قالَ ؛) لهم يعقوب : (اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) (٦٦) ؛ أي شهيد حفيظ.
قوله تعالى : (وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) قال ابن عبّاس : (خاف يعقوب على بنيه العين لجمالهم وقوّتهم ، وكلّهم بنو أب
__________________
(١) في المحرر الوجيز : ص ١٠٠٦ ؛ قال ابن عطية : ((قال المهدوي : وروتها عائشة رضي الله عنها عن النبي صلىاللهعليهوسلم)).