قال ابن عبّاس : (فجعلن يفشين هذا في المدينة ، فبلغ ذلك زليخا) فهو قوله تعالى : (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ ؛) أي فلما سمعت بكلام هؤلاء النّسوة وذمّهن لها أرسلت إليهنّ ، فدعتهنّ لوليمة أعدّتها لهن ، ويقال : إنما سمي قول النسوة مكرا ؛ لأنّها كانت أطلعتهنّ واستكتمتهن فأفشين سرّها.
قوله تعالى : (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً ؛) أي أصلحت وهيّأت لهن أمكنة يقعدن عليها ، ووسائد يتّكين عليها ، وفي قراءة ابن عباس (متكا) بالتخفيف بغير همز ، قال : (والمتك : الأترجّ) (١).
قال وهب : (دعت أربعين امرأة ، وأعدّت لهنّ أترجا وبطّيخا). قوله تعالى : (وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً ؛) لتقطع بها الفواكه والأترج على ما جرت به العادة ، ويقال : كانت وضعت لهنّ خبزا ولحما وهذه الفواكه ، (وَقالَتِ ؛) ليوسف : (اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ؛) وذلك أنّها كانت قد أجلسته في مجلس غير الذي كنّ جلسن فيه. قال عكرمة : (وكان فضل يوسف على النّاس في الحسن كفضل القمر ليلة البدر على النّجوم).
وعن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [مررت ليلة أسري بي فرأيت يوسف عليهالسلام ، فقلت : يا جبريل من هذا؟ فقال : يوسف] قال : كيف رأيته يا رسول الله؟ قال : [كالقمر ليلة البدر](٢). وروي أن يوسف عليهالسلام كان إذا مشى في أزقّة مصر يرى نور وجهه على الجدارات كما ترى نور الشمس والماء على الجدار.
قوله تعالى : (وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ) فخرج عليهن ، (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ ؛) أي عظم عندهن ، و؛ بلغ من شغل قلوبهن برؤيته ما ، (وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ؛) بالسّكاكين. قال قتادة : (قطّعن أيديهنّ حتّى ألقينها وهنّ لا يشعرن) ، ويقال : معنى (أَكْبَرْنَهُ) أي حضن ، ويقال : معنى (أكبرن) آمنّ. قيل : أنّهن كنّ يقطّعن أيديهن وهن
__________________
(١) المتك : مخففا غير مهموز هو الأترج. وبالضم أو الفتح يقال : الأترنج ؛ وهو كل شيء يقطع بالسكين وغيره من الفواكه. والترنج ثمرة حامضة أكبر من الليمون وفيها استطالة ، ورائحتها قوية وقشرها أصفر.
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ٦٤٤. وابن عادل الحنبلي في اللباب في علوم الكتاب : ج ١١ ص ٨٤.