قوله تعالى : (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا ؛) أي ذر الكفّار الذين اختاروا في أنفسهم اللّعب والباطل والاستهزاء. ويقال : معناه : الذين اتّخذوا دينهم بهوى أنفسهم ، ومن اتّخذ دينه بهوى نفسه فهو لاعب. وقال الفرّاء في معنى الآية : (ليس من قوم إلّا ولهم عيد يلهون فيه ، إلّا أمّة محمّد صلىاللهعليهوسلم فإنّ أعيادهم صلاة وتكبير وبرّ وخير) (١). وقوله تعالى : (وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) معناه : وشغلتهم الحياة الدّنيا بما فيها من زهرتها وزينتها.
قوله تعالى : (وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ) ؛ أي ذكّر بالقرآن وعظ به كراهة أن تبسل نفس بما كسبت. ويقال : قبل أن تبسل نفس. ويقال : لئلا تبسل نفس ؛ أي لئلا تهلك نفس. وقال الحسن ومجاهد وعكرمة والسدي : (تبسل : أي تسلّم للهلكة) (٢).
وقال ابن زيد : (معناه : وذكّر به أن تبسل ؛ أي لئلّا تبسل ؛ أي لئلّا تؤخذ) (٣). وعن ابن عبّاس : (أن تفضح) (٤). وقال الأخفش : (أن تبسل : أن تجازى) (٥). وقال الفرّاء : (ترتهن) ، وقال عطية العوفي : (من قبل أن تبسل نفس ؛ أي من قبل أن تسلّم إلى خزنة جهنّم). والمتبسّل : المستسلم (٦).
قوله عزوجل : (لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ ؛) أي ليس لتلك النفس من دون الله وليّ ولا شفيع ؛ أي قريب يمنع العذاب عنها ولا شفيع يشفع لها في الآخرة. قوله تعالى : (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها ؛) أي لو جاءت مكانها بكلّ ما كان في الأرض جميعا افتداء عن نفسها لا يقبل منها.
__________________
(١) في الجامع لأحكام القرآن : ج ٧ ص ١٦ : نقله القرطبي عن الكلبي أيضا.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٠٤٤٥) عن الحسن ، والأثر (١٠٤٤٦) عن مجاهد ، والأثر (١٠٤٤٤) عن عكرمة.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٠٤٤٨).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٠٤٤٩).
(٥) في جامع البيان : الأثر (١٠٤٥٠) نقله الطبري عن الكلبي.
(٦) في الجامع لأحكام القرآن : ج ٧ ص ١٦ ؛ قال القرطبي : (والإبسال : تسليم المرء للهلاك ، هذا هو المعروف في اللغة. أبسلت ولدي أرهنته) ، وقال : (أي ترتهن وتسلّم للهلكة).