وسمي الفداء عدلا ؛ لأنه مثل للشيء ، ويقال لأحد جانبي الحجل : عدل بالكسر ؛ لأن كلّ واحد من العدلين مثل لصاحبه ، فمعنى الآية : وإن تفتدي بكلّ فداء لا يؤخذ منها.
وقوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ ؛) أي وجيع ؛ (بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) (٧٠) ؛ أي بما كانوا يجحدون في الدّنيا بمحمّد صلىاللهعليهوسلم والقرآن.
قوله عزوجل : (قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا) ؛ أي قل يا محمّد لكفّار مكّة الذين يدعونكم إلى دين آبائهم : أنعبد سوى الله من الأصنام ما لا ينفعنا إن عبدناه في رزق ولا معاش ، ولا يضرّنا إن تركناه في رزق ولا معاش ، (وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ ؛) عطف على الاستفهام ؛ أي كيف نرجع إلى الكفر بعد إذ هدانا الله لدينه ، وأكرمنا بمعرفته ، فيكون مثلنا ؛ ك ؛ مثل ؛ (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ) ؛ فأذهبه ؛ (فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ) ؛ ضالا ، لا يقال : كالذي زيّنت له الشياطين هواه ؛ فهو يعمل في الأرض بالمعاصي. وقيل : معناه : كالذي استفرسته الغيلان في المهامة فأضلّوه ؛ فهو حائر. و (حَيْرانَ) نصب على الحال.
قرأ الأعمش وحمزة : (كالّذي استهواه) بالألف والإمالة ، وقرأ طلحة بالألف ، وقرأ الحسن : (استهوته الشّياطين). وفي مصحف عبد الله : (استهواه الشّيطان). قوله تعالى : (لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا) ؛ أي له أصحاب يدعونه إلى الطريق المستقيم : أن ائتنا واتّبعنا ؛ فإنّا على الطريق ، فأبى أن يأتهم ويطيعهم.
وقيل : إن الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر حين دعا أباه إلى الكفر ، (١) فأنزل الله تعالى : (قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا.) وقوله : (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ) هو عبد الرّحمن بن أبي بكر. وقوله تعالى : (لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ
__________________
(١) في الجامع لأحكام القرآن : ج ٧ ص ١٨ ؛ قال القرطبي : ((وقال ـ أي ابن عباس رضي الله عنهما في رواية أبي صالح ـ : نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، كان يدعو أباه إلى الكفر وأبواه يدعوانه إلى الإسلام)).