وأجازيكم عليها ، وقيل : معناه : لست أقدر أن أحول بينكم وبين الكفر الذي يضرّكم ، كما يدفع الوكيل الضرر عن موكّله. وعن ابن عبّاس : (أنّ معناه : لست بموكّل عليكم ؛ أخبركم عن الإيمان ، قال : ثمّ نسخ هذا بآية السّيف).
وقوله تعالى : (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ) ؛ معناه : لكلّ وعد ووعيد وقت ، وأجل غاية ؛ منه ما يكون في الدّنيا ، ومنه ما يكون في الآخرة ، (وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٦٧) ؛ يا أهل مكّة ذلك إذا نزل بكم.
قوله تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ؛) معناه : وإذا رأيت المشركين الذين يكذّبون ويستهزئون بك وبالقرآن (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) أي اتركهم ولا تجالسهم على وجه الإنكار عليهم ، إلا أن يتركوا استهزاءهم ويخوضوا في حديث غير القرآن. وذلك أن المشركين كانوا إذا جالسوا المؤمنين ؛ وقعوا في رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسبّوه واستهزؤا به ، فنهى الله المؤمنين عن مجالستهم.
قوله تعالى : (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٦٨) ؛ معناه : وإمّا يوقعنّك الشّيطان في النّسيان بعد النهي فتجلس معهم ، فلا شيء عليك في تلك الحال التي تكون فيها ناسيا ، فلا تقعد بعد الذّكرى مع قوم إذا ذكرت ، ودع مجالسة المشركين فتأثم. قرأ ابن عبّاس وابن عامر : (ينسينّك) بالتشديد.
فلما نزلت هذه الآية قال المسلمون : يا رسول الله ، لئن كنّا كلما استهزأ المشركون بالقرآن قمنا وتركناهم ، لا نستطيع أن نجلس في المسجد الحرام ، ولا أن نطوف بالبيت؟ فنزل قوله عزوجل : (وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ،) أي ما على الذين يتّقون الشرك والمعاصي والخوض في آثامهم ، ومخالفتهم أمر الله من شيء من العقاب ، (وَلكِنْ ذِكْرى ؛) أي ولكن ذكّروهم بالقرآن ذكرى إذا فعلوا وعظوهم ، (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (٦٩) ؛ الشرك والاستهزاء والخوض. فموضع (ذكرى) نصب على المصدر ، ويجوز أن يكون في موضع رفع ؛ أي هو ذكرى.