لِلْمُتَّقِينَ) (٤٩) ؛ أي آخر الأمر بالسّعادة والظّفر والنصر للمتقين ، كما كانت لنوح ومن آمن به.
قوله تعالى : (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً ؛) أي وأرسلنا إلى عاد أخاهم هودا في النّسب ، (قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ) (٥٠) ؛ أي وحّدوه دون الأصنام فإنّها ليست بآلهة ، وما أنتم إلا كاذبون في قولكم إنّها آلهة.
قوله تعالى : (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً ؛) أي لا أسألكم على ما أؤدّي إليكم من الرّسالة مالا فتتّهموني أنّي أبتغي بذلك كسب مال أو تخشون أن ألزمكم غرما في مالكم ، (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي ؛) أي ما ثوابي إلا على الذي خلقني ، (أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٥١) ؛ أن الأمر على ما أقوله. وأصل الفطر الشّقّ ، وسمي الخلق فطرا لأنه يظهر به المخلوق كما يظهر الشيء بالشّقّ.
قوله تعالى : (وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ؛) أي استغفروا ربّكم من الكفر والذنوب ثم ارجعوا إليه بالنّدم والعزم على ترك العود في الذّنوب ، (يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ ؛) بالمطر ، (مِدْراراً ؛) دائما متواترا ، (وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً ؛) في أبدانكم وأموالكم ، (إِلى قُوَّتِكُمْ ؛) التي لكم ، (وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) (٥٢) ؛ عمّا أدعوكم إليه مذنبين.
قوله تعالى : (قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ ؛) أي حجّة ، وقد جاءهم بمعجزة إلا أنّهم لم يعتقدوها حجّة ، قوله تعالى : (وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ ؛) أي قالوا : ما نحن بتاركي عبادة آلهتنا بقولك ، (وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) (٥٣) ؛ أي بمصدّقين فيما تقوله.
قوله تعالى : (إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ ؛) أي قالوا ما نقول فيك إلا أنه أصابك بعض آلهتنا بجنون فخبل عقلك لسبك إيّاها ، وكان القوم يعلمون وكلّ أحد أنّ الذي يعقل ويميّز لو أراد أن يصيب غيره بجنون لم يقدر على ذلك ، فكيف تقدر الأصنام التي لا عقل لها ولا تمييز؟! والاعتراء افتعال من عراه يعروه إذا مسّه وأصابه.