وقوله تعالى : (وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) أي واحمل أهلك ، يعني ولده وعياله ، (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) يعني امرأته وأهله وابنه كنعان ، و (مَنْ آمَنَ) يعني واحمل من آمن.
قوله تعالى : (وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) (٤٠) ؛ أي إلا نفر قليل ، قيل : ثمانون إنسانا ، وقيل : ثلاثة بنين وثلاث كنائن ، الكنائن : زوجات البنين ، وقال ابن جريج : (كانوا ثمانية أنفس) (١).
قوله تعالى : (وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها ؛) أي قال لهم نوح : اركبوا في السفينة ، وقوله (بِسْمِ اللهِ) يجوز أن يكون متّصلا بقوله (ارْكَبُوا) أي اركبوا بسم الله ، ويجوز أن يكون متّصلا بقوله (مَجْراها وَمُرْساها) أي بسم الله إجراؤها وإرساؤها.
وقال الضحّاك : (كانوا إذا أرادوا أن تجري السّفينة قالوا : بسم الله ، فجرت ، وإذا أرادوا أن يرسوها قالوا : بسم الله ، فرست) ، ومن قرأها (مجراها) بنصب الميم فهو عبارة عن الموضع الذي تجري فيه ، ولم يقرأ أحد (مرساها) الا بضمّ الميم ، ومن قرأ (مجريها ومرسيها) فهو نعت (الله) ، والمعنى بسم الله المجري لها حيث يشاء ، (إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (٤١).
قوله تعالى : (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ ؛) يعني : السفينة تجري بهم في موج كالجبال العظيمة ، (وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ ؛) كنعان وكان كافرا ، (وَكانَ فِي مَعْزِلٍ ؛) عنه ولم يركب معه ، وقيل : معناه : وكان في معزل من دين أبيه : (يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا ؛) في السّفينة بشرط الإيمان ، ولذلك قال : (وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ) (٤٢) ؛ أي على دينهم فتغرق معهم ، وقال الحسن : (إنّما دعاه إلى ركوب السّفينة ؛ لأنّ ابنه كان يظهر له الإيمان نفاقا ، وكان يحس به مؤمنا).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٤٠٣٤).