على وجه الأرض) (١). وقال عليّ رضي الله عنه : (وفار التّنّور ؛ أي طلع الفجر) (٢).
وقوله تعالى : (جاءَ أَمْرُنا) أي عذابنا ، وقوله تعالى : (قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) أي احمل في السفينة من كلّ زوجين اثنين ، الذكر زوج والأنثى زوج ، وهو قول الحسن ومجاهد وقتادة ؛ قالوا : (ذكرا وأنثى).
فلما فار الماء من التّنور أرسل الله السماء بمطر شديد ، فأقبلت الوحوش حين أصابها مطر السماء إلى نوح وسخّرت ، فحمل في السفينة من كلّ طير زوجين ، ومن كلّ وحش زوجين ، وكلّ دابّة وبهيمة زوجين ، ومن كلّ سبع زوجين ، وحمل من البقر والغنم خمسة أزواج.
وبعث الله جبريل فقطع فقار العقرب ، وضرب فم الحيّة فحملها في السّفينة ، وكانت السماء تمطر ، وكان هو عند قومه يحذّرهم حتى ابتلّت أقدامهم ، وصار الماء إلى الكعبين ، ثم حذرهم حتى صار الماء إلى نصف الساق ، ثم حذرهم حتى صار إلى الرّكب وإلى الحقوين ، كلّ ذلك يحذّرهم وينذرهم ، وكان ينوح ويبكي عليهم. وقال ابن عبّاس : (سمّي نوحا ؛ لأنّه كان ينوح على الإسلام حيث لم يقرّ به قومه).
فلمّا بلغ الماء الشّدوة قال : غرق قومي ، ثم قال لابنه كنعان : (يا بنيّ اركب مّعنا) فكثر الماء حتى صار فوق الجبال خمسة عشر ذراعا بالذراع الأول ، وكان للسفينة ثلاثة أبواب بعضها أسفل من بعض ، حمل في الباب الأسفل السّباع والهوامّ ، وفي الباب الأوسط الوحش والبهائم ، وفي الباب الأعلى بني آدم ، وكانوا ثمانين إنسانا ، أربعين رجلا وأربعين امرأة ، سوى التي غرقت ، وثلاثة بنين : سام وحام ويافث ، ونساؤهم وإثنان وسبعون إنسانا فيهم الخضر وهو ابن بنت نوح.
واختلفوا في مقدار السفينة ، قال الحسن : (كان طولها ألفا ومائتي ذراع ، وعرضها ستّمائة ذراع) (٣) ، وقال ابن عبّاس : (كان طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسين ذراعا ، وارتفاعها ثلاثين) وهو قول قتادة قال : (وكان لها بابان في عرضها).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٤٠١٤) عن ابن عباس ، والأثر (١٤٠١٦) عن عكرمة.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٤٠١٧) بأسانيد.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٤٠٠٧).