الكفّار فينادى عليه على رؤوس الأشهاد : هؤلاء الّذين كذبوا على ربهم ، ألا لعنة الله على الظّالمين](١).
قوله تعالى : (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً ؛) أوّل الآية نعت للظالمين ، والمعنى : الذين يسببون للصدّ من دون الله وطاعته ، ويبغون لله سبيل الإسلام زيغا وعوجا ، يتأوّلون القرآن على خلاف تأويله ، (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) (١٩) ، أعاد كلمة (هم) ؛ تأكيدا لشأنهم في الكفر.
قوله تعالى : (أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ؛) معناه : أولئك ليسوا بغائبين عن الله في الأرض ، ولا مهرب لهم من عذابه حتى يجزيهم بأعمالهم الخبيثة.
قوله تعالى : (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ) أي لا يقتصر لهم على عقاب الكفر ، بل يعاقبون على الكفر ، وعلى الصدّ عن سبيل الله. وقيل : معناه : كلّما مضى ضعف من العذاب جاءهم ضعف من العذاب.
قوله تعالى : (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ ؛) أي كان يثقل عليهم سماع الحقّ من شدّة عداوتهم للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، (وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) (٢٠) ؛ لأنّهم صمّ عن الحقّ عمي لا يبصرون ولا يهتدون.
قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ؛) أي أهلكوا أنفسهم في الآخرة ، وذكر الهلاك بلفظ الخسران ؛ لأن الخسران هو ذهاب رأس المال ، ورأس مال الإنسان نفسه. قوله تعالى : (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (٢١) ؛ أي ذهب عنهم الانتفاع بأعمالهم التي كانوا يكذبون بها على الله كما قالوا في الدّنيا ، وقيل : معناه : ذهب عنهم الأصنام التي كانوا يعبدونها في الدّنيا ، يفترون بقولهم إنّها آلهة.
__________________
(١) أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب التفسير : الحديث (٤٦٨٥) ، وكتاب التوحيد : الحديث (٧٥١٤). ومسلم في الصحيح : كتاب التوبة : الحديث (٥٢ / ٢٧٦٨). وهذا أول موضوع يذكر فيه البخاري ومسلم ، وعلى ما يبدو أنه إدراج من الناسخ وليس في الأصل.