وعد الله في الآخرة. قوله تعالى : (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ ؛) أي لا تكن في شكّ من القرآن ، وظاهر أنّ هذا الخطاب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم إلّا أن المراد به جميع الناس. وقوله تعالى : (إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ؛) يعني القرآن ، (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) (١٧) ؛ أي لا يصدّقون في أنّ القرآن من عند الله.
قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً ؛) أي ليس أحد أظلم لنفسه من الكاذب على ربه بأن زعم أن له ولدا وشريكا ، (أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ ،) معناه : أولئك الكاذبون يساقون يوم القيامة إلى ربهم ، ويوقفون في المقامات التي يطالبون فيها بأعمالهم ، ويسألون فيها ، ويجازون عليها.
قوله تعالى : (وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ ؛) قال ابن عبّاس ومجاهد : (الأشهاد هم الملائكة والأنبياء) (١) ، وقال قتادة : (يعني الخلائق) (٢) ، وقال مقاتل : (هم النّاس).
والأشهاد جمع شاهد مثل ناصر وأنصار وصاحب وأصحاب ، ويجوز أن يكون جمع شهيد مثل شريف وأشراف. والمعنى : يقول الأشهاد يوم القيامة من الملائكة والنبيّين والعلماء وعامّة المؤمنين ، ويشيرون الى الكفار فيقولون : (هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ) فيفضح الكفار على رؤوس الأشهاد.
وقوله تعالى : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (١٨) ؛ يجوز أن يكون من قول الأشهاد ، ويجوز أن يكون من قول الله ، وأراد بالظّالمين المشركين ، واللّعنة : الإبعاد من الخير.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : [يدنو المؤمن من ربه يوم القيامة ، ثمّ يقرّره بذنوبه : هل تعرف؟ فيقول : رب أعرف ، فيقول : هل تعرف؟ فيقول : رب أعرف ، فيسأله عن ما شاء أن يسأله ، قال : فإنّي قد سترتها عليك في الدّنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم ، ثمّ يعطى صحيفة حسناته بيمينه. وأمّا
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٣٩٦٦).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٣٩٦٧).