قوله تعالى : (إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ) (١٠) ؛ أي بطر مفاخر أوليائي بما وسّعت عليه. وإنما نصب اللام في قوله (لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ) لأنه في موضع الوحدان ، وقوله : (لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ) بضمّ اللام في موضع لفظ الجماعة ، وقوله تعالى : (لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا)(١) بنصب اللام أيضا ؛ لأن الفعل مقدّم على الاسم فذكر بلفظ الوحدان.
قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) (١١) ؛ استثناء ليس من الأوّل ، معناه : لكن الذين صبروا على الشدائد ، وعملوا الصالحات فيما بينهم وبين ربهم أولئك لهم مغفرة لذنوبهم وثواب عظيم على طاعتهم وصبرهم.
قوله تعالى : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ ؛) سبب نزول هذه الآية : أنّ المشركين كانوا يقولون للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : لو تركت سبّنا وسبّ آلهتنا جالسناك ، وكانوا يؤذونه ويقولون : لو لا أنزل على محمّد كنز من السّماء فيعش به وينفعه ، أو جاء معه ملك يشهد له ويعينه على الرسالة.
وقيل : إن المشركين قالوا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : لو أتيتنا بكتاب ليس فيه سبّ آلهتنا حتى نؤمن بك ونتّبعك ، وقال بعض المتكبرين : هلّا ينزل عليك يا محمّد ملك يشهد لك بالصدق ، أو تعطى كنزا تستغني أنت وأتباعك؟ فهمّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يدع سبّ آلهتهم فأنزل الله هذه الآية. ولا يجوز أن تكون كلمة (لعلّ) في أول هذه الآية على جهة الشّكّ ، وإنما الغرض تثبيت النبيّ صلىاللهعليهوسلم في ما أمر به ؛ كيلا يلتفت على قولهم ، وكي لا ييأسوا عن ترك أداء الرسالة.
فلما قالوا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : (لو لا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك). يقول الله للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : (إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ ؛) أي عليك أن تنذرهم وتخوّفهم وتأتيهم بما يوحى إليك
__________________
(١) الروم / ٥٨.