فرعون وأشرافهم ورؤسائهم أن يعلم الأشراف أمرهم فيخبروا فرعون فيقتلهم ويعذبهم أو يصرفهم عن دينهم. وقال الزجّاج : (إنّما قال (فرعون وملئهم) لأنّ فرعون ذا أصحاب يأتمرون به).
قوله تعالى : (وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ ؛) أي لمستكبر في أرض مصر ، (وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ) (٨٣) ؛ في الكفر والمعاصي ، والإسراف : هو التجاوز عن الحدّ في كلّ شيء. وعن محمّد بن المنكدر قال : (عاش فرعون ثلاثمائة واثنين وعشرين سنة لم ير مكروها ، ودعا موسى عليهالسلام ثلاثين سنة).
قوله تعالى : (وَقالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا ؛) أي قال موسى لبني إسرائيل : يا قومي إن كنتم صدّقتم بالله كما تقولون فأسندوا أموركم إليه ، (إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) (٨٤) ، إن كنتم مخلصين مستسلمين لأوامره ، وذلك حين قالوا لموسى : (أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا)(١). وقيل : إنّ موسى خاطب بالخطاب المذكور في هذه الآية الذريّة التي آمنت على خوف من فرعون وملئهم.
قوله تعالى : (فَقالُوا عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا ؛) أي قال موسى أسندنا أمورنا إلى الله ووثقنا به ، (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٨٥) ؛ أي لا تظهرهم علينا فيظنّوا أنّهم على الحقّ ، فيكون ذلك فتنة لهم ولغيرهم. ويقال : يعني لا يمكنهم أن ينزلوا بنا أمرا لا نطيق الصبر عليه فننصرف به عن الدّين. قوله تعالى : (وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) (٨٦) ؛ أي خلّصنا بطاعتك من استعبادهم إيّانا ، فاستجاب الله دعاءهم كما ذكر من بعد.
قوله تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً ؛) وذلك أنّ فرعون لمّا أتاه موسى بالرسالة أمر بمساجد بني إسرائيل فكسّرت كلّها وخرّبت ، ومنعوهم من الصّلاة علانية ، فأنزل الله هذه الآية ، وأمروا أن يتّخذوا
__________________
(١) الأعراف / ١٢٩.