أمر تعجيز كقوله تعالى : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ)(١) ولا يجوز أن يكون هذا أمرا بالسّحر ، إذ عمل السحر كفر ، والأنبياء عليهمالسلام لا يأمرون به.
قوله تعالى : (فَلَمَّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ ؛) معناه : فلما ألقت السّحرة ما جاؤا به ، قال لهم موسى : الذي جئتم به السحر والخداع ؛ أي الذي جئتم به سحر. ووقف بعض القرّاء على (ما جئتم) ثم قال : (السّحر) على معنى : أيّ شيء جئتم به أهو السحر؟ على جهة التوبيخ لهم. قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ ؛) أي يبطل عمل السّحرة حتى يظهر الحقّ من الباطل ، (إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) (٨١) ؛ أي لا يرضى عمل السّاحرين.
قوله تعالى : (وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) (٨٢) ؛ أي ينصر دينه الحقّ بالوعد الذي وعده لموسى كما قال تعالى : (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ)(٢) الى آخر الآية. ويجوز أن يكون معنى الكلمات : ما كتبه الله تعالى في اللوح المحفوظ.
قوله تعالى : (فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ ؛) أي ما صدّق بموسى وبما جاء به إلا ذريّته من قوم فرعون ، وهم قوم كان آباؤهم من القبط وأمّهاتهم من بني إسرائيل ، فآمنوا بموسى واتّبعوا أمّهاتهم وأخوالهم ، ولم يسلم آباؤهم الذي كان موسى عليهالسلام مبعوثا اليهم.
وقال الحسن : (أراد بقوله تعالى (إلّا ذرّيّة من قوم موسى) كان فرعون أجبرهم على تعلّم السّحر وجعلهم من أصحاب نفسه ، فلمّا أسلمت السّحرة وآمنوا بموسى اتّبعهم هؤلاء الذّرّيّة في الإيمان). وكان يقول : (لم يؤمن من القبط أحد إلّا المؤمن الّذي يكتم إيمانه من فرعون وقومه).
قوله : (عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ) معناه على القول الأول : آمنت به ذريّته على خوف من فرعون وآبائهم وقومهم. وعلى القول الثاني : على خوف من
__________________
(١) البقرة / ٢٣.
(٢) القصص / ٣٥.