كما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [سياحة أمّتي الصّوم](١) وإنما سمي الصّائم سائحا تشبيها بالسائح في الأرض ؛ لأن السائح ممنوع من الشّهوات ، فكذلك الصائم.
قال الحسن : (أراد بالسّائحين صوّامي شهر رمضان) (٢) ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [السّائحون الصّائمون](٣). وسئل سعيد بن جبير عن السائحين فقال : (هم الصّائمون) (٤) ، وقال الشاعر :
برّا يصلّي ليله ونهاره |
|
يظلّ كثير الذّكر لله سائحا |
أي صائما.
وقال الحسن أيضا : (السّائحون الّذين يصومون عن الحلال وأمسكوا عن الحرام ، وههنا والله أقوام رأيناهم يصومون عن الحلال ، ولا يمسكون عن الحرام ، والله ساخط عليهم) ، وقال عطاء : (السّائحون هم الغزاة والمجاهدون) (٥). وسئل عكرمة عن قوله تعالى : (السَّائِحُونَ) فقال : (طلبة العلم).
قوله تعالى : (الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ) أي الذين يؤدّون ما فرض الله عليهم من الرّكوع والسجود المفروضة ، وقوله تعالى : (الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) أي الآمرون بالإيمان والنّاهون عن الشّرك. وقيل : معناه : الآمرون بكلّ معروف ، والناهون عن كلّ منكر.
وإنما ذكر الناهون بالواو وبخلاف ما سبق ؛ لأن النهي عن المنكر لا يكاد يذكر إلا وهو مقرون بالأمر بالمعروف ، فدخل الواو ليدلّ على المقارنة. والمعروف : هو السّنة ، والمنكر : هو البدعة.
__________________
(١) في الأصل المخطوط يكرر الناسخ صفحة سابقة من التفسير ، ولا يشير إلى تكرارها سهوا منه ، وهي من قوله : (واستأذنوه أن يبنوا مسجدا لذي العلة ... وحرقوها وخرجوا سراعا).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٣٤٤٩).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (١٣٤٣٩ ـ ١٣٤٤٠).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٣٤٤٤).
(٥) ينظر : الجامع لأحكام القرآن : ج ٨ ص ٢٧٠.