يقرأ هذه الآية ، فقال : كلام من هذا؟ فقال : [كلام الله تعالى] وقال : بيع واثق مربح لا نقيله ولا نستقيله ، فخرج إلى العدوّ فاستشهد). وأنشد الأصمعيّ لجعفر رضي الله عنه :
أثامن بالنّفس النّفيسة ربّها |
|
وليس لها في الخلق كلّهم ثمن |
بها تشترى الجنّات إن أنا بعتها |
|
بشيء سواها إنّ ذلكم غبن |
لئن ذهبت نفسي بدنيا أصبتها |
|
لقد ذهبت نفسي وقد ذهب الثّمن |
وكان جعفر الصادق يقول : (أيا من ليست لهم عنه إنّه ليس لأبدانكم بثمن إلّا الجنّة ، فلا تبيعوها إلّا بها). وأنشد أبو علي الكوفي :
من يشتري قبّة في عدن عالية |
|
في ظلّ طوبى رفيعات مبانيها |
دلّالها المصطفى والله بائعها |
|
ممّن أراد وجبريل مناديها |
قوله تعالى : (وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١١١) ؛ أي النجاة العظيمة والثواب الوافر ؛ لأنّها نيل الجنّة الباقية بالنفس الفانية.
وقوله تعالى : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ ؛) في الآية قولان : أحدهما : أن قوله (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ) رفع بالابتداء ، كأنه قال : التائبون العابدون ... إلى آخر الآية لهم الجنة أيضا ؛ أي من قعد عن الجهاد غير مؤازر ولا قاصد تركه ، وهو على هذه الصّفة في هذه الآية فله الجنّة.
والقول الثاني : أنّ قوله (التَّائِبُونَ) يدلّ على المقاتلين ، كأنه قال : المقاتلون التائبون العابدون ، ويجوز أن يكون قوله : (التَّائِبُونَ) رفعا على المدح ، أي هم التائبون من الشّرك والذّنوب ، المطيعون لله (الْحامِدُونَ) الذين يحمدون الله تعالى على كلّ حال ، (السَّائِحُونَ) الصّائمون (١).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان عن أبي هريرة : الحديث (١٣٣٤٩ و ١٣٣٤٠) ، و (١٣٤٤٣) عن ابن عباس بأسانيد. وابن أبي حاتم في التفسير : الحديث (١٠٠٢٨).