تحلّ له الصدقة ، وقد روي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : [للسّائل حقّ وإن جاء على فرس](١) والفرس في الكثير الأحوال يساوي أكثر من أربعين درهما.
قوله تعالى : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ؛) قال ابن عبّاس : (وذلك أنّ الجماعة من المنافقين منهم جلّاس بن سويد ومخشيّ بن حميّر (٢) وأبو ياسر بن قيس وسماك بن يزيد وعبيد بن هلال ورفاعة بن التّابوت (٣) كانوا يؤذون النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ويقولون فيه ما لا يجوز ، فقال بعضهم : لا تفعلوا فإنّا نخاف أن يبلغه الخبر ، فقال الجلّاس : بل نقول ما شئنا ثمّ نأتيه فيصدّقنا في ما نقول ، فإنّ محمّدا أذن سامعة. فأنزل الله هذه الآية) (٤). ومعناها : ومن هؤلاء المنافقين من يؤذي النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ويقولون هو صاحب أذن يصغي إلى كلّ أحد ، ويقبل كلّ ما قيل له.
قوله تعالى : (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ ؛) أي قيل : هو مستمع بخير لا مستمع بشرّ ، وقيل : معناه : هو يستمع إلى ما هو خير لكم وهو الوحي. وقرأ الحسن : (هو أذن خير لكم) كلاهما بالتنوين والضمّ ، معناه : إن كان كما قلتم فهو خير لكم يقبل عذركم. وقرأ نافع : (قل أذن) بجزم الذال وهو لغة في الأذن. قوله تعالى : (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ؛) أي يصدّق بما أنزل عليه ، والإيمان بالله لا يعمل إلا بالحقّ ، ويؤمن للمؤمنين أي يصدّق المؤمنين في ما يخبرونه.
__________________
(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ٣ ص ١٣١ : الحديث (٢٨٩٣). وأصله عند الإمام أحمد في المسند : ج ١ ص ٢٠١. وأبي داود في المسند : الحديث (١٦٦٥ و ١٦٦٦) ، وقد تقدم.
(٢) مخشيّ بن حميّر الأشجعي : حليف لبني سلمة من الأنصار ، كان من المنافقين وأرجف يوم تبوك ، ثم تاب وحسنت توبته ، وسمي عبد الرحمن ، وسأل الله أن يقتله شهيدا ، قتل يوم اليمامة ، فلم يوجد له أثر. ترجم له ابن عبد البر في الاستيعاب : الرقم (٢٣٧٩). وفي المخطوط : (مخشي ابن خويلد) وهو تصحيف.
(٣) أو رافع بن تابوت ، في الإصابة : ج ٢ ص ٤٨٨ : الترجمة (٢٦٦٣) رفاعة بن ثابت ، وهو غير رفاعة بن تابوت المنافق.
(٤) القصة ذكرها أهل التفسير باختصار وبألفاظ يكمل بعضها بعضا ، ينظر : جامع البيان : الأثر (١٣١٤٩ ـ ١٣١٥٥). وابن أبي حاتم في التفسير : الأثر (١٠٣٠٠).