والزهري : (إنّما تحلّ الصّدقة للمديونين إذا كان الدّين قد لحقه بغير إسراف ولا معصية) (١) ، وقال قتادة : (الغارمون هم قوم لحقهم ديون في غير تبذير ولا فساد) ، وعن مجاهد : (أنّ الغارم من احترق بيته ، أو ذهب السّيل بماله ، أو أدان على عياله) (٢).
قوله تعالى : (وَفِي سَبِيلِ اللهِ ؛) أراد به المجاهدين إذا انقطعوا عن أزوادهم وراحلتهم ، وقال أبو يوسف : (هم الفقراء الغزاة) ، وأما إذا كان الغازي غنيّا اختلفوا فيه ، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمّد : (لا يعطى الغازي الغنيّ) ، وقال الشافعيّ ومالك : (يعطى الغازي الغنيّ) وحجّتهما قوله عليهالسلام : [لا تحلّ الصّدقة لغنيّ إلّا لخمسة : رجل عمل عليها ، ورجل اشتراها بماله ، ورجل كان له جار مسكين فتصدّق على المسكين فأهدى إليه جاره ، وفي سبيل الله وابن السّبيل](٣).
قوله تعالى : (وَابْنِ السَّبِيلِ ؛) هو المسافر المنقطع عن ماله ، سمّي بذلك لملازمته السّبيل ، كما يقال : ابن الغنيّ وابن الفقير ، قال مجاهد والزهري : (لابن السّبيل حقّ في الزّكاة وإن كان غنيّا) (٤) قال قتادة : (ابن السّبيل هو الضيّف) (٥).
قوله تعالى : (فَرِيضَةً مِنَ اللهِ ؛) أي فرض الله هذه الأشياء فريضة ، (وَاللهُ عَلِيمٌ ؛) بمصالح عباده ، (حَكِيمٌ) (٦٠) ؛ في أفعاله. والفرض في ذكر الأصناف في هذه الآية بيان أنه لا يجوز إخراج الصّدقة منهم إلى غيرهم ؛ لأن الحاجة في جميع الأصناف المذكورين في هذه الآية موجودة ، ولأن من عليه الزكاة إذا حمل الزكاة بنفسه إلى الإمام لم يكن لأحد من العمّال في ذلك نصيب. وقال الشافعيّ : (تقسم الصّدقة على الأصناف الثّمانية ، كما هو مذكور في الآية ، إلّا أن يفقد صنف فيقسم على الباقين). وقيل : يقسم على أصله على سبعة أصناف ؛ لأن
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٣١٢٥) عن مجاهد ، والأثر (١٣١١٦) عن الزهري.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٣١١٤) بإسنادين.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (١٣١٢٢) مرسلا عن عطاء ، والحديث (١٣١٢٣) عن أبي سعيد الخدري.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٣١٢٥).
(٥) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٣١٢٧).