قرأ الحسن ويعقوب (يلمزك) بضمّ الميم ، وقرأ الأعمش (يلمّزك) بضم الياء وتشديد الميم ، يقال : لمزه وهمزه إذا أعابه ، ورجل همزة لمزة ، وقال عطاء : (معنى يلمزك أي يغتابك) (١). قوله تعالى : (إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ) (٥٨) ؛ قرأ إياد بن لقيط (٢) (إذا هم ساخطون) (٣).
قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ؛) أي لو رضوا ما رزقهم الله وما يعطيهم رسوله من العطيّة والصدقة ، (وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ ؛) أي كافينا الله سيعطينا الله من رزقه ، وسيعطينا رسوله مما يكون عنده من السّعة والفضل وقالوا : (إِنَّا إِلَى اللهِ ؛) أي فيما عنده من الثواب ، (راغِبُونَ) (٥٩) ؛ لكان خيرا لهم وأعود عليهم ، إلا أنه حذف الجواب ؛ لأن الحذف للجواب في مثل هذا الموضع أبلغ من الإثبات ؛ لأنّك إذا حذفت الجواب ذهبت فيه النفس كلّ مذهب.
قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ ؛) قال ابن عبّاس والحسن وجابر بن زيد والزهريّ ومجاهد : (الفقير المتعفّف الّذي لا يسأل النّاس ، والمسكين الّذي يسأل). ومعنى الآية : إنّما الصدقات لهؤلاء المذكورين لا للمنافقين.
قال ابن عبّاس : (الفقراء هم أصحاب الصّفّة ، صفّة مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، كانوا نحو أربعمائة رجل لم يكن لهم منازل في المدينة ولا عشائر ، فأووا إلى صفّة مسجد رسول الله ، يلتمسون الرّزق بالنّهار ويأوون إليه باللّيل ، فمن كان عنده فضل من المسلمين أتاهم به إذا أمسوا). قال : (والمساكين هم الطّوّافون الّذين يسألون النّاس).
__________________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير : الأثر (١٠٣٤١) قال : ((الطّعن عليك في الصّدقات)
(٢) في تفسير القرآن العظيم : ج ٦ ص ١٨١٦ : النص (١٠٣٤٥) ؛ قال ابن أبي حاتم : ((بسنده عن أبي الفضل قال : سمعت زياد بن لقيط يقرأ. قال : قلت لسهل بن عثمان : لعله إياد بن لقيط ، فأبى أن يدع قوله : زياد).
(٣) في الدر المنثور : ج ٤ ص ٢٢٠ ؛ قال السيوطي : ((أخرجه أبو الشيخ عن إياد بن لقيط).