يجدون ملجأ : (أي مهربا) (١) ، وقال ابن كيسان : (قوما يأمنون فيهم).
قرأ عبد الرحمن بن عوف (أو مغارات) بضمّ الميم ، وقوله تعالى : (أَوْ مُدَّخَلاً) قال الكلبيّ : (نفقا في الأرض كنفق اليربوع) (١) وقيل : معناه : موضع دخول يدخلون فيه. وقرأ الحسن (مدخلا) بفتح الميم وتخفيف الدال ، وقرأ أبيّ (مندخلا) بإثبات النّون. وقوله تعالى : (لَوَلَّوْا إِلَيْهِ) قرأ الأشهب العقيليّ (لوالوا إليه) بالألف من الموالات (٢) ؛ أي تابعوا وسارعوا.
قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ ؛) أي من المنافقين من يعيبك في الصّدقات ، (فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها ؛) الصدقة مقدار مرادهم ، (رَضُوا ؛) بالقسمة ، (وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها ؛) لا يرضون بالقسمة.
نزلت هذه الآية في أبي الجوّاظ وغيره من اللمّازين من المنافقين ، كما روي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم كان يقسم الصدقات فقال أبو الجوّاظ : ما ترون صاحبكم يقسم صدقاتكم في رعاة الغنم ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [لا أبا لك ، أما كان موسى عليهالسلام راعيا! أما كان داود عليهالسلام راعيا!] فذهب أبو الجوّاظ ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [احذروا هذا وأصحابه] فأنزل الله هذه الآية (٣).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : (كان رسول الله يقسم قسما إذ جاءه ابن ذي الخويصرة التّميميّ فقال : اعدل يا رسول الله ، فقال : [ويلك من يعدل إذا لم أعدل؟!] فقال عمر رضي الله عنه : ائذن لي يا رسول الله أضرب عنقه ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [دعه فإنّ له أصحابا يحتقر أحدكم صلاته مع صلاته وصومه مع صيامه ، يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّمية](٤).
__________________
(١) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ٥٦٤.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز : ص ٨٥٤. واللباب في علوم الكتاب : ج ١٠ ص ١١٩.
(٣) عزاه البغوي في معالم التنزيل : ص ٥٦٥ إلى الكلبي.
(٤) أخرجه البخاري : كتاب استتابة المرتدين : باب من ترك قتال الخوارج : الحديث (٦٩٣٣). واسم ذي الخويصرة : حرقوص بن زهير ؛ قيل : إنه أصل الخوارج. ينظر : فتح الباري : شرح الحديث.