والنّصرة على الكفّار ، فإن أصابتنا الهزيمة في الحال فإن أمور العبادة لا تجري إلا على تدبير قد أحكم وأبرم. قوله تعالى : (هُوَ مَوْلانا) أي وليّنا يحفظنا وينصرنا. قوله تعالى : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (٥١) ؛ معنى التوكّل على الله : تفويض الأمر إليه مع ثقة به.
قوله تعالى : (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) (٥٢) ؛ أي هل تنتظرون بنا إلا النصر على الكفّار والظّفر بهم ، أو القتل على وجه الشّهادة في الدّنيا مع ثواب الآخرة ، ونحن ننتظر بكم أحد الشرّين : إما أن يصيبكم الله بعذاب الاستئصال من عنده ، أو بأن ينصرنا عليكم فنقتلكم بأسيافنا ، فانتظروا ما قلت كي ننتظر نحن بكم عذاب الاستئصال والنّصرة عليكم.
قوله تعالى : (قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ ؛) معناه : إن أنفقتم في الجهاد طائعين من قبل أنفسكم أو مكرهين مخافة القتل لن يتقبّل منكم ما أسررتم من الكفر والنفاق ، وقد يذكر لفظ الأمر ويراد به الشرط الجزاء كما قال الشاعر :
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة |
|
لدينا ولا مقليّة إن تقلّت |
معناه : إن أحسنت بنا أو أسأت فأنت غير ملومة (١).
قوله تعالى : (إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ) (٥٣) ؛ تعليل نفي قبول صدقتهم ؛ لأن النفاق يحبط الطاعة ، ويمنع من استحقاق الثواب.
قوله تعالى : (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ ؛) ما منعهم عن إيجاب الثواب لهم على نفقاتهم إلا كفرهم بالله وبرسوله ، ومعنى (نَفَقاتُهُمْ) أي صدقاتهم. قرأ حمزة والكسائي وخلف (يقبل) بالياء لتقديم الفعل ، وقرأ الباقون بالتاء.
__________________
(١) من شواهد الطبري في جامع البيان : تفسير الآية. والبيت لكثير عزة ، يعبر فيه عن الثبات في الأمر على حاله والعهد الذي هو عليه.