في الإثم والشّرك وقعوا بنفاقهم ومخالفتهم أمرك في ترك الجهاد ، (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) (٤٩) ؛ أي إنّهم يدخلون جهنّم لا محالة ؛ لأن الشيء إذا كان محيطا بالإنسان فإنه لا يفوته.
روي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : [من سيّدكم يا بني سلمة؟] قالوا : جدّ بن قيس ، غير أنّه بخيل. قال صلىاللهعليهوسلم : [وأيّ داء أدوى من البخل؟! بل سيّدكم الفتى أبيض الجعد بشر ابن البراء بن معرور](١) فقال فيه حسّان الشّعر (٢) :
وقال رسول الله والحقّ قوله |
|
لمن قال منّا : من تعدّون سيّدا؟ |
فقلت له : جدّ بن قيس على الّذي |
|
ببخله فينا وإن كان أنكدا |
فقال : وأيّ الدّاء أدوى من الّذي |
|
رميتم به لو على به يدا؟! |
وسوّد بشر بن البراء لجوده |
|
وحقّ لبشر بن البرا أن يسوّدا |
إذا ما أتاه الوفد أذهب (٣) ماله |
|
وقال : خذوه ؛ إنّني عائد غدا |
قوله تعالى : (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ؛) أي إن تصبك يا محمّد حسنة من فتح وغنيمة تسؤهم تلك الحسنة وتحزنهم يعني المنافقين ، (وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ ؛) أي قتل وهزيمة ونكبة ، (يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ ؛) أي أخذنا حذرنا بالتخلّف عنهم من قبل هذه المصيبة ، (وَيَتَوَلَّوْا ؛) عنك ، (وَهُمْ فَرِحُونَ) (٥٠) ؛ مسرورون بما أصابك من الشدّة.
قوله تعالى : (قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا هُوَ مَوْلانا ؛) أي قل يا محمّد للمنافقين : لن يصيبنا إلّا ما كتب الله علينا في اللّوح المحفوظ ، قال الحسن : (معناه : أنّا لسنا بمهملين بل جميع ما يصيبنا من خير أو شرّ فهو مكتوب في اللّوح المحفوظ) ، ويقال : معناه : قل لن يصيبنا في عاقبة الأمر إلّا ما كتب الله لنا من الفتح
__________________
(١) أخرجه الحاكم في المستدرك : كتاب معرفة الصحابة : الحديث (٥٠١٨) ، وقال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
(٢) ينظر : الجامع لأحكام القرآن : ج ٨ ص ١٥٩ ذكر القرطبي بعضه.
(٣) في المخطوط : (أنهب) بدل (أذهب.