مع بلال وصهيب وعمّار وخبّاب في ناس من ضعفاء المسلمين ، فلمّا رأوهم حوله حقّروهم ؛ وقالوا : يا محمّد ؛ لو جلست في صدر المسجد ، ونفيت عنّا هؤلاء ورائحة جبابهم لجالسناك وحادثناك وأخذنا عنك ، وكان عليهم جباب من صوف لم يكن عليهم غيرها.
فقال صلىاللهعليهوسلم : [ما أنا بطارد المسلمين] فقالوا : إنّا نحبّ أن تجعل لنا مجلسا تعرف العرب به فضلنا ، فإنّ وفود العرب تأتيك ؛ فنستحي أن ترانا العرب مع هؤلاء الأعبد ، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنّا ، فإذا نحن قمنا فأقعدهم معك إن شئت. فأجابهم إلى ذلك ، فقالوا : أكتب لنا عليك بذلك كتابا. فدعا بصحيفة ودعا عليّا رضي الله عنه ليكتب.
قال : فبينما نحن قعود في ناحية المسجد ؛ إذ نزل جبريل عليهالسلام بهذه الآية : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) الآية. فألقى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الصّحيفة من يده ، ثمّ دعانا فأتيناه وهو يقول : [سلام عليكم كتب ربّكم على نفسه الرّحمة] فكنّا نقعد معه ، فإذا أراد أن يقوم ويتركنا ، فأنزل الله تعالى : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ)(١).
قال : فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقعد فندنو منه حتّى تكاد ركبنا أن تمسّ ركبته ، فإذا بلغ السّاعة الّتي يقوم فيها قمنا وتركناه حتّى يقوم ، وقال : [الحمد لله الّذي لم يمتني حتّى أمرني أن أصبر نفسي مع قوم من أمّتي ، معكم المحيا ومعكم الممات](٢).
وقال مجاهد : (قالت قريش : لو لا بلال وابن أمّ عبد لتابعنا محمّدا. فأنزل الله هذه الآية) (٣). وقال عكرمة : (جاء عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ومطعم بن عديّ ونوفل ابن الحارث وعمر بن نوفل إلى أبي طالب ؛ قالوا له : لو أنّ ابن أخيك محمّدا
__________________
(١) الكهف / ٢٨.
(٢) تقدم ، وأخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (١٠٣٢٨) بإسنادين.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١٠٣٣١).