ويصدّقونك ، وذكروا ذلك أيضا لعمر رضي الله عنه ، فذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم حرصا على إسلام أشراف قومه ، فهمّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يفعل بعض الّذي طلبوه ، فأنزل الله هذه الآية) (١). يعلّمه أنه لا يجب أن يفضّل غنيا ولا شريفا على فقير وضعيف ؛ لأن طريقه فيما أرسل به الدّين دون أحوال الدّنيا.
فذلك قوله تعالى : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) أي يعبدون ربّهم بالصلاة المفروضة غدوّا وعشيّا وهم ضعفة الصحابة وصفهم الله بالمواظبة على عبادته في طرفي النّهار ؛ ثم شهد لهم أنّهم مخلصون في الإيمان بقوله : (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) أي يريدون وجه الله تعالى بذلك ؛ ويطلبون رضاه. وذكر الوجه على سبيل التفخيم كقوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)(٢). معناه : إلّا هو.
قوله تعالى : (ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) ؛ أي ما عليك من حساب عملهم وباطن أمرهم من شيء ، (وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ) ؛ أي ما عليهم من باطن أمرك شيء ولا يسألون عن عملك ولا تسأل أنت عن عملهم.
وقيل : معناه : ما عليك من رزقهم من شيء ، وما من رزقك عليهم من شيء. قوله تعالى : (فَتَطْرُدَهُمْ) ؛ جواب (ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ). وقوله تعالى : (فَتَكُونَ) ؛ جواب (وَلا تَطْرُدِ). (مِنَ الظَّالِمِينَ) (٥٢) ، ومعناه : فتكون من الضارّين لنفسك أن لو طردتهم.
وتقدير الآية : ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ ، فتكون من الظّالمين ، ما عليك من حسابهم من شيء ، وما من حسابك عليهم من شيء ، فتطردهم. وقال سلمان وخبّاب : (فينا نزلت هذه الآية ، فجاء الأقرع بن حابس التّميميّ وعيينة بن حصين الفزّاريّ وأصحابهم من المؤلّفة ، فوجدوا النّبيّ صلىاللهعليهوسلم قاعدا
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (١٠٣٢٦) عن ابن مسعود ، والنص (١٠٣٢٨) بمعناه عن خباب رضي الله عنه.
(٢) القصص / ٨٨.