ويجوز أن يكون مفعولا مصروفا أي فعيل مثل الجريح والقتيل والصريع ، تقديره : إنما الشهر المؤخّر. وقرأ أبو جعفر وورش (إنّما النّسيّ) بالتشديد من غير همزة ، وروى ذلك ابن كثير على معنى المنسيّ أي المتروك ، قال الله تعالى : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ)(١).
وقوله : (يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا ،) قرأ أهل المدينة وابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وأبو بكر بفتح الياء وكسر الضّاد لأنّهم هم الضالّون لقوله : (يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً ،) وقرأ الحسن وقتادة ومجاهد ويعقوب بضمّ الياء وكسر الضاد ؛ أي يضلّ به الذين كفروا الناس المقتدين بهم ، وقرأ أهل الكوفة إلّا أبا بكر بضمّ الياء وفتح الضاد ، وهي قراءة ابن مسعود لقوله : (زُيِّنَ لَهُمْ ،) وقوله تعالى : (يُحِلُّونَهُ عاماً) أي يحلّون النسيء.
وقوله تعالى : (لِيُواطِؤُا ؛) أي ليوافقوا ، وقيل : ليشبهوا ، (عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ ؛) أي يحلّوا ما حرّمه الله من الغارة والقتل في الشّهر الحرام ، وإنما كان يفعل هكذا بنو كنانة وربّما كانوا يؤخّرون رجبا ويبدّلونه صفرا لتكون الشهور متوالية ، وقوله تعالى : (زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ ؛) أي حسّن في قلوبهم قبح أعمالهم من تحريم ما أحلّ الله ، وتحليل ما حرّم الله ، قال الحسن : (زيّنتها لهم أنفسهم والشّياطين) (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (٣٧) أي لا يوفّقهم مجازاة لكفرهم. وقيل : لا يهديهم إلى الجنّة والثواب.
قال ابن عبّاس : (كان النّاسئ رجلا من كنانة يقال له نعيم بن ثعلبة وجنادة بن عوف وكان يقوم على النّاس فيقول : ألا إنّ آلهتكم حرّمت عليكم صفر العام ، فيحرّمون فيه الدّماء والأموال ويستحلّون في المحرّم ، فإذا كان من قابل نادى : ألا إنّ آلهتكم حرّمت عليكم المحرّم العام ، فيحرّمون فيه الدّماء والأموال ويستحلّون صفر ليفيدوا منه) (٢).
__________________
(١) التوبة / ٦٧.
(٢) أصوله أخرجها الطبري في جامع البيان : الآثار (١٢٩٨٠) عن ابن عباس ، و (١٢٩٨٣) عن مجاهد ، و (١٢٩٨٥) عن قتادة.