قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) (٤٩) أي يصيبهم العذاب بفسقهم وجحودهم بمحمّد صلىاللهعليهوسلم والقرآن.
وقوله عزوجل : (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ ؛) نزلت هذه الآية جوابا عن قول الكفار للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : يا محمّد ؛ لو لا أنزل عليك كنز فتستغني به ؛ فإنك فقير محتاج! وعن قولهم : لو لا أنزل عليه ملك ، وقولهم : لو لا أنزل عليه آية.
ومعناها : قل لهم يا محمّد : (لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ) أي لا أدّعي أن مفاتيح الرزق بيدي ؛ فأقبض وأبسط ، وليس خزائن الله مثل خزائن العباد ، إنّما خزائن الله مقدوراته التي لا توجد إلا بتكوينه إيّاها ، (وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) أي لا أدّعي علم الغيب فيما مضى وما سيكون ، (وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) من السّماء شاهدت ما لم تشاهد البشر ، (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ) ؛ أي لا أعلم ولا أقول إلا بما نزّله الله على لسان بعض الملائكة ، (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) ؛ أي الكافر والمؤمن ، ويقال : الجاهل والعالم ، (أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) (٥٠) ؛ في آيات الله ومواعظه.
قوله تعالى : (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ) ؛ أي أنذر بالقرآن وخوّف به (الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ) وخوّف به الذين يعلمون أنّ حشرهم إلى ربهم ؛ أي إلى موضع لا يملك فيه أحد نفعهم ولا ضرّهم إلا الله تعالى. قالوا : والذين يخافون البعث أحد رجلين ؛ إما مسلم فينذر ليؤدّي حقّ الله في إسلامه ، وإما رجل من أهل الكتاب فهو مقرون بأن الله تعالى خلقهم وأنّهم مبعوثون محاسبون. (لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (٥١).
قوله عزوجل : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) ؛ قال عبد الله بن مسعود : (مرّ جماعة من المشركين برسول الله صلىاللهعليهوسلم وعنده صهيب وخبّاب بن الأرتّ وبلال وعمّار بن ياسر وغيرهم من ضعفاء المسلمين ؛ فأرادوا الحيلة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليطردوا أصحابه ، فقالوا : يا محمّد ، لو طردت هؤلاء السّفلة والعبيد عنك أتاك أشراف قومك ورؤساؤهم يستمعون مقالتك