وقرأ عاصم والكسائي ويعقوب (وقالت اليهود عزير ابن الله) بالتنوين ، وقرأ الباقون بغير التنوين ، فمن نوّن قال : لأنه اسم خفيف فوجهه أن يصرف وإن كان أعجميّا مثل نوح وهود ولوط ، وقال أبو حاتم والمبرد : اختيار التنوين لأنه ليس بصفة والكلام ناقص ، و (ابن) في موضع الخبر وليس بنعت ، وإنما يحذف التنوين في النّعت. ومن ترك التنوين قال لأنه اسم أعجمي. قال الزجّاج : (يجوز أن يكون الخبر محذوفا تقديره : عزير ابن الله معبود ، على أن يكون (ابن) نعتا للعزير).
قوله تعالى : (وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ؛) هذا قول نصارى نجران ، وقوله تعالى : (ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ ؛) معناه : أنّهم لا يتجاوزون في القول عن العبادة ؛ أي المعنى إذ لا برهان لهم لأنّهم يعترفون أنّ الله لا يتخذ صاحبة ، فكيف يزعمون أنّ له ولدا. قوله تعالى : (يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ؛) أي يشابهون في قول ذلك قول أهل مكّة حين قال : اللّات والعزّى ومناة. وقيل : أراد يشابهون قول الكفّار الذين يقولون الملائكة بنات الله.
قرأ عاصم (يضاهئون) بالهمز (١) ، وقرأ العامّة بغير همز ، يقال : ضاهيته وضاهأته بمعنى واحد ، وقال قتادةو السدي : (ضاهت النّصارى قول اليهود من قبل ، فقالت النّصارى : المسيح ابن الله ، كما قالت اليود : عزير ابن الله) (٢).
قوله تعالى : أي يشابهون ، يقال : امرأة أضهيأ إذا شابهت الرجل في أنّها لا ثدي لها ولا تحيض. قوله تعالى : (قاتَلَهُمُ اللهُ ؛) أي لعنهم الله ، كذا قال ابن عبّاس ، وقال ابن جريج : (معناه قتلهم الله) ، (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٣٠) ؛ أي أنّى يكذبون ويصدفون عن الحقّ بعد قيام الدلالة عليه.
قوله تعالى : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ؛) اتخذ النصارى واليهود علماءهم وعبّادهم أربابا ؛ أي أطاعوهم في معاصي الله ، فجعل
__________________
(١) في جامع البيان ؛ قال الطبري : (لغة ثقيف).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٢٩١٨) عن قتادة ، والأثر (١٢٩١٩) عن السدي.