الله طاعتهم عبادتهم ؛ لأنّهم اتّبعوهم وتركوا أوامر الله ونواهيه في كتبهم ، قال الضحّاك : (الأحبار : العلماء) (١) واحدهم حبر وحبر بكسر الحاء وبفتحها ، والكسر أفصح ، والرّهبان من النّصارى : أصحاب الصّوامع وأهل الاجتهاد في دينهم. وقوله تعالى : (أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) أي سادة من دون الله يطيعونهم في معاصي الله. وأما تسمية العالم حبرا فلكثرة كتابته بالحبر ، وقيل : لتبحيره المعاني بالبيان الحسن. وأما الراهب فهو الخاشع لله.
وقوله تعالى : (وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ؛) أي اتّخذ المسيح إلها. وقوله تعالى : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً ؛) أي لم يؤمروا في جميع الكتب ولا على ألسنة الرّسل إلّا بعبادة إله واحد. وقوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٣١) أي تنزيها لله عن الشّرك وما لا يليق به.
قوله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ ؛) أي يريدون أن يردّ القرآن ودلائل الإسلام بالتكذيب بألسنتهم ، وقال الضحّاك : (يريد اليهود والنّصارى أن يهلك محمّد وأصحابه ولا يعبد الله بالإسلام) (٢)(وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ ؛) ويعلي دينه وكلماته ويظهر الإسلام وأهله على أهل كلّ دين ، (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) (٣٢) ؛ ذلك.
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ؛) أي هو الذي بعث محمّدا صلىاللهعليهوسلم بالقرآن ودين الإسلام ، ليظهره على سائر الأديان بالحجّة والغلبة ، (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (٣٣). واختلف العلماء في قوله (ليظهره) قال ابن عبّاس : (إنّها عائدة على الرّسول ، يعني ليعمّه بشرائع الدّين كلّه فيظهره عليها حتّى لا يخفى عليه شيء منها) (٣). قال آخرون : (الهاء) راجع الى دين الحقّ.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٢٩٢٤).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير : الأثر (١٠٠٦٦).
(٣) بمعناه أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٢٩٣٥). وابن أبي حاتم في التفسير : الأثر (١٠٠٧٠).