لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(١) ، ومثلك يا عمر مثل موسى قال : (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ)(٢) ، ثمّ قال صلىاللهعليهوسلم للأسارى : [أنتم اليوم عالة فلا ينقلبنّ أحد إلّا بفداء أو ضرب عنق] ثمّ قال صلىاللهعليهوسلم (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ)) (٣).
قوله تعالى : (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ) أي لو لا حكم الله في أنه يحلّ لهم الفدية التي أخذوها من الأسارى. وقيل : معناه : لو لا ما سبق لهذه الأمّة من الرحمة إذا عملوا الخطايا ثم عرفوا بما عملوا وتابوا ورجعوا. قوله تعالى : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا) مخاطبة لهم لا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وجلّت (٤) أصحابه ، فإنّ أبا بكر كان مراده إعزاز الدّين وهداية الأنصار ، ولأنّ الله قال : (لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ) ولم يقل فيما عزمتم وأسررتم.
قوله : (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً ؛) الفاء في أوّل هذه الآية للجزاء ، المعنى : أحلّت لكم الغنائم فكلوا. والطّيّب : المستلذّ ، ويوصف الحلال بذلك على التشبيه ، فإنّ المستلذ لا يكون فيه كراهية في الطّبع ، وكذا الحلال ما لا يكون فيه كراهية في الدّنيا.
وقوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ ؛) أي اخشوه ولا تفعلوا شيئا لم تؤمروا به ولم يرخّص لكم ، (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ ؛) لما فرّط منكم (رَحِيمٌ) (٦٩) ؛ بكم إذ لم يعذّبكم فيما فعلتم قبل الرّخصة.
__________________
(١) المائدة / ١١٨.
(٢) يونس / ٨٨.
(٣) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ١٠ ص ١٤٣ : الحديث (١٠٢٥٨ و ١٠٢٥٩) مطولا. عن عبيد الله عن عبد الله بن مسعود ، والحديث (١٠٢٥٧) عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود. والحديث فيه نظر. أما حديث عبيد الله فإنه لم يسمع من أبيه ، قاله الهيثمي في مجمع الزوائد : ج ٦ ص ٧٨. وأما حديث زر بن حبيش ففيه موسى بن مطير وهو ضعيف. وحديث عبيد الله حسنه الترمذي وغيره.
(٤) كما في المخطوط : (وجلت).