إِلَيْها ؛) أي ليطمئنّ إليها ويستأنس بها ويأوي إليها لقضاء حاجته منها ، (فَلَمَّا تَغَشَّاها ؛) أي جامعها ، (حَمَلَتْ ؛) ماءه ، (حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ ؛) فاستمرّت بذلك الماء ؛ أي قامت وقعدت كما كانت تفعل قبل وهي لا تدري أنه حبل أم لا ، ولم تكترث بحملها ، يدلّ عليه قراءة ابن عبّاس : (فاستمرّت به) (١). وقال قتادة : (معنى (فَمَرَّتْ بِهِ) استبان حملها) (٢) ، وقرأ يحيى بن يعمر : (فمرت به) مخفّفا من المرية ؛ أي شكّت أحملت أم لا.
قوله تعالى : (فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما ؛) أي لمّا كبر الولد في بطنها وتحرّك وصارت ذات ثقل بحملها وشقّ عليها القيام ، أتاها إبليس في صورة رجل ، فقال : يا حوّاء ما هذا في بطنك؟ قالت : ما أدري ، قال : إنّي أخاف أن يكون بهيمة ، وذلك أوّل ما حملت ، فقالت ذلك لآدم عليهالسلام ، فلم يزالا في همّ من ذلك.
ثم عاد إبليس إليها فقال : يا حوّاء أنا من الله بمنزلة! فإن دعوت الله ربي إنسانا تسمّية بي؟ قالت : نعم ، قال : فإنّي أدعو الله ، وكانت هي وآدم يدعوان الله ، (لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً ؛) ولدا حسن الخلق صحيح الجوارح مثلنا ، (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (١٨٩) ؛ لك في هذه النعمة ، (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً ؛) سويّا صحيحا أتاها إبليس فقال لها : عهدي! قالت : ما اسمك؟ قال : الحرث ولو سمّى نفسه فقال عزرائيل لعرفته ، ولكنه تسمّى بغير اسمه فسمته : عبد الحرث ، ورضي آدم فعاش الولد أيّاما حتى مات (٣).
وهذا لا يصحّ ؛ لأنّ حوّاء وإن لم تكن نبيّة فهي زوجة نبيّ ، وفي الآية ما يدلّ على ذلك ؛ لأن الله تعالى قال : (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما ؛) ومثل هذه
__________________
(١) ينظر : اللباب في علوم الكتاب : ج ٩ ص ٤١٧.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٢٠٣٢).
(٣) في الجامع لأحكام القرآن : ج ٧ ص ٣٣٨ ؛ قال القرطبي : (ونحو هذا مذكور في ضعيف الحديث في الترمذي وغيره. وفي الإسرائيليات كثير وليس لها ثبات ، لا يعوّل عليها من كان له قلب ؛ فإن آدم وحواء وإن غرهما بالله الغرور ، فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ، على أنه قد سطّر وكتب). وأخرجه الترمذي في الجامع : أبواب التفسير : الحديث (٣٠٧٧) ، وقال : (هذا حديث حسن غريب) وإسناده ضعيف.