والوسطى (١) ، فمعناه تقريب الوقت لا تحديده كما قال تعالى : (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها)(٢) أي بعث النبيّ صلىاللهعليهوسلم من أشراطها.
قوله تعالى : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ ؛) قال ابن عبّاس : (وذلك أنّ أهل مكّة قالوا : يا محمّد ألا يخبرك ربّك بالسّعر الرّخيص قبل أن يغلو فنشتريه ونربح فيه ، وبالأرض الّتي تريد أن تجدب فنرتحل عنها إلى ما أخصب ، فأنزل الله هذه الآية) (٣). ومعناها : قل يا محمّد لا أقدر على نفع أجرّه إلى نفسي ، ولا على ضرّ أدفعه عن نفسي إلا ما شاء الله أن يملّكني بالتمكين من ذلك.
قوله تعالى : (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ ؛) أي لو كنت أعلم جدوبة الأرض وقحط المطر لادّخرت من السّنة المخصبة للسّنة الجدبة ، (وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ ؛) الفقر. وقيل : معناه : لو كنت أعلم متى أموت لبادرت بالأعمال الصالحة قبل اقتراب الأجل ، فلم أشتغل بغيرها ولا بي جنون ولا آفة كما يقولون.
وقيل : معناه : لو كنت أعلم متى السّاعة لبادرت بالجواب عن سؤالكم ، فإنّ المبادرة إلى جواب السائل تكون استكثارا من الخير وما مسّني التكذيب منكم. وقوله تعالى : (إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ؛) أي ما أنا إلا معلّم بموضع المخافة ليتّقى ولموضع الأمن ليختار ، (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (١٨٨) ؛ بالبعث.
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ؛) أي نفس آدم ، (وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها ؛) أي خلق حوّاء من ضلع من أضلاعه ، (لِيَسْكُنَ
__________________
(١) أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب الرقاق : باب (٣٩) : الحديث (٦٥٠٣) عن سهل بن سعد. ويشير بإصبعيه فيمدهما ، والحديث (٦٥٠٤) عن أنس ، والحديث (٦٥٠٥) عن أبي هريرة ، وفيه : ((يعني إصبعيه)). ومسلم في الصحيح : كتاب الفتن : الحديث (١٣٣ و ١٣٤ / ٢٩٥١) عن أنس من طرق عديدة.
(٢) محمد / ١٨.
(٣) في الدر المنثور : ج ٣ ص ٦٢٢ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن أبي الشيخ وابن أبي حاتم عن ابن عباس .. وذكره بلفظ قريب منه). وينظر : اللباب في علوم الكتاب : ج ٩ ص ٤١٤.