وقوله تعالى : (ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ؛) قال الحسن : (ثقل وضعها على أهل السّموات والأرض من انتثار النّجوم وتكوير الشّمس وتسيير الجبال). وقال قتادة : (ثقلت على السّموات والأرض لا تطيقها لعظمها). وقال السديّ : (ثقل علمها على أهل السّموات والأرض فلم يطيقوا إدراكها وكلّ شيء خفي فقد ثقل ، ولا يعلم قيامها ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل) (١).
قوله تعالى : (لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ؛) أي فجأة لا يعلمون وقت قيامها ، فتقوم والرجل يسقي ماشيته ، والرجل يصلح حوضه ، والرجل يقيم سلعته في سوقه ، والرجل يخفض ميزانه ويرفعه ، والرجل يهوي بلقمته في فمه ، فما يدرك أن يضعها في فمه.
قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها ؛) قال الضحّاك ومجاهد : (معناه كأنّك عالم بها) (٢) ، وقال ابن عبّاس : (هذا على تقديم وتأخير ، معناه : (يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها) أي بارّ لطيف بهم من قوله : (إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا)(٣)) (٤) ، وقيل : معناه كأنّك فرح بمسألتهم إيّاك ، وقيل : معناه : كأنّك حاكم بها ، يقال : تحافينا إلى فلان ؛ أي تخاصمنا إليه ، والحافي هو الحاكم.
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ ؛) الفائدة في إعادته ردّ المعلومات كلّها إلى الله ، فيكون التكرار على وجه التأكيد ، وقيل : أراد بالأول علم وقتها ، وبالثاني علم كنهها. قوله تعالى : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (١٨٧) ؛ أنّها كائنة وأن علمها عند الله ، وفي الآية دلالة على بطلان قول من يدّعي العلم بمدّة الدّنيا ، ويستدلّ بما روي أنّ الدنيا سبعة آلاف سنة ؛ لأنه لو كان كذلك كان قيام الساعة معلوما ، وأما قوله صلىاللهعليهوسلم : [بعثت أنا والسّاعة كهاتين] وأشار إلى السّبّابة
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٢٠٠٧).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٢٠٢١) عن الضحاك ، والأثر (١٢٠٢٠) عن مجاهد.
(٣) مريم / ٤٧.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٢٩٥) وأدرجها الطبراني بالمعنى في هذا النص.