قوله تعالى : (وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ ؛) معناه : أولم ينظروا في أن عسى أن يكون قد دنا هلاكهم بعد قيام الحجّة عليهم. وقوله تعالى : (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) (١٨٥) ؛ معناه : إن لم يؤمنوا بهذا القرآن مع وضوح دلالته فبأيّ حديث بعده يؤمنون ، وليس بعده كتاب منزّل ولا نبيّ مرسل.
قوله تعالى : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ ؛) إليه ، وقوله تعالى : (وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (١٨٦) ؛ أي وندعهم في مجاوزتهم الحدّ في كفرهم يتجرّأون فلا يرجعون إلى الحقّ ، ومن قرأ (ونذرهم) بالنون وضمّ الراء فهو على الاستئناف ، وتقرأ (ونذرهم) بالجزم عطفا على موضع الفاء ، والمعنى : من يضلل الله يذره في طغيانه عامها.
قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها ؛) قال الحسن وقتادة : (سألت قريش رسول الله صلىاللهعليهوسلم : متى السّاعة الّتي تخوّفنا بها؟ فأنزل الله هذه الآية) (١) ، ومعناها : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ) أي أوان قيامها ومتى مثبتها ، يقال : رسي الشيء يرسو إذا ثبت ، ومنه الجبال الرّاسيات ؛ أي الثابتات ، والمرسى : مستقرّ الشّيء الثقيل ، وقال ابن عبّاس : (سألت اليهود محمّدا صلىاللهعليهوسلم فقالوا له : أخبرنا عن السّاعة إن كنت نبيّا فإنّا نعلم متى هي ، فأنزل الله هذه الآية) (٢).
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ؛) أي علم قيامها عند الله سبحانه ، ما لي بها من علم ، (لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ) أي لا يكشفها ويظهرها لحينها إلّا الله عزوجل ، وقال مجاهد : (أي لا يأتي بها إلّا هو) ، وقال السديّ : (لا يرسلها لوقتها إلّا هو) (٣). ووجه الامتناع عن الإجابة عن بيان وقتها ، أنّ العباد إذا لم يعرفوا وقت قيامها كانوا على حذر من ذلك ، فيكون ذلك أدعى إلى الطاعة وأزجر عن المعصية.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٩٩٨).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٩٩٩) وذكر أسماء السائلين : حمل بن أبي قشير ، وشمول بن زيد.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٢٠٠٦).