من حينئذ عنهم. فحسب من هلك من بني إسرائيل في ذلك الطاعون ، فوجدوهم سبعين ألفا في ساعة من نهار وهو ما بين أن زنى ذلك الرجل بها إلى أن قتل (١).
وقال مقاتل : دعا بلعم على موسى وقومه بالاسم الأعظم أن لا يدخل المدينة (٢) ، فاستجيب له ووقع موسى وقومه في التّيه بدعائه عليه ، فقال : يا رب بأيّ ذنب وقعنا في التّيه؟ قال : بدعاء بلعم ، قال : يا رب فكما سمعت دعاءه فاسمع دعائي عليه ، فدعا موسى أن انزع عنه الاسم الأعظم والإيمان ، فسلخه الله مما كان عليه ، ونزع عنه المعرفة ، فخرجت منه كحمامة بيضاء ، فذلك قوله تعالى : (فَانْسَلَخَ مِنْها.) إلا أنّ في هذا ما يمنع صحّته ولا يجوز أن يستجاب دعاؤه.
وروي عن عبد الله بن عمران : أنّ الآية نزلت في أميّة بن أبي الصّلت الثقفيّ (٣) ، وهو رجل كان في وقت النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وكان قد أتاه الله العلم والحكمة ، وله أشعار في الموت والبعث ، وكان قد علم أنّ الله يبعث نبيّا في وقته ، وكان يرجو أن يكون ذلك النبيّ ، فلما بعث الله محمّدا صلىاللهعليهوسلم ورأى من أمره ما رأى ، عزم أن لا يؤمن به حسدا له ، ومعنى الآية : واقرأ يا محمّد خبر الذي آتيناه علم آياتنا وفهم معانيها فصار عالما بها. والنّبأ : الخبر عن أمر عظيم ، وقوله تعالى : (فَانْسَلَخَ مِنْها) أي خرج من العلم بها إلى الجهل ، ومن الهدى إلى الضلالة ، كما يقال : انسلخت الحيّة من جلدها.
وقوله تعالى : (فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ ؛) أي أتبعه بالتّزيين لذلك الضّلال ، ويقال : معنى أتبعه : أدركه ، يقال : أتبعت القوم إذا لحقتهم ، وتبعتهم إذا سرت إليهم. وقوله تعالى : (فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ) (١٧٥) ؛ أي كان في علم الله أن يكون في ذلك الوقت من الغاوين ، وقيل : صار من الضّالّين. والغيّ يذكر بمعنى الهلاك ، ويذكر بمعنى الخيبة.
قوله تعالى : (وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها ؛) أي بالآيات بأن نميته على الهدى ونعصمه عن الكفر ونحول بينه وبين المعصية. وقيل : معناه : لفضّلناه وشرفناه ورفعناه
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٩٦٣) عن سالم أبي النضر.
(٢) ذكر مقاتل القصة في التفسير : ج ١ ص ٤٢٤ ـ ٤٢٥.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٩٤٩ ـ ١١٩٥٠).