قوله تعالى : (بِعَذابٍ بَئِيسٍ) أي شديد وجيع ، قرأ أهل المدينة بكسر الباء وجزم الياء من غير همز ، وقرأ ابن عامر كذلك إلا أنّه بهمزة ، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر بالفتح وجزم الياء وفتح الهمزة على وزن فيعل مثل صيقل ؛ وقرأ أهل البصرة (بئيس) بفتح الباء وكسر الهمزة على وزن فعيل ، وقرأ الحسن (بيس) بكسر الباء وفتح السّين على (بيس العذاب) ، وقرأ مجاهد (بايس) على وزن فاعل ، وقرأ أبو إياس بفتح الباء والياء من غير همز ، وقرأ الباقون (بئيس) على وزن فعيل.
قوله تعالى : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ ؛) معناه : وإذ علم ربّك ، وقد يأتي تفعّل بمعنى افعل يقال : أوعدني وتوعّدني ومعناهما واحد ، وقيل : معنى (تأذن) أقسم ربّك.
قوله تعالى : (لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ) أي ليبعثنّ على من يبقى منهم من الذين لا يؤمنون من بعدهم الجزية والقتل فبعث الله محمّدا صلىاللهعليهوسلم وأمّته فوضعوا عليهم الجزية إلى يوم القيامة ، وفي هذه الآية دلالة على أنّ اليهود لا ترفع لهم راية عزّ إلى يوم القيامة. وقوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ ؛) يجوز أن يكون المراد به عقوبة الآخرة وكلّ آت قريب ، ويجوز أن يكون المراد به أنه سريع العقاب لمن شاء أن يعاقبه في الدّنيا. وقوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٦٧) ؛ أي لمن تاب عن الكفر والمعاصي.
قوله تعالى : (وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً ؛) معناه : وفرّقنا اليهود في البلاد تفريقا شديدا استثنى أمرهم فليس لهم مكان يجتمعون فيه ، ولا يمكنهم المقام في موضع إلّا على ذلّ بالقتل والجزية.
قوله تعالى : (مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ ؛) أراد بالصّالحين مؤمني أهل الكتاب ، وقيل : أراد بهم الذين وراء نهر أرداف ، بمعنى الذين وراء رمل عالج من قوم موسى الذين ذكرنا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم ليلة أسري به مرّ بهم ، وقد ذكرنا في ما تقدّم. وقوله تعالى : (وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ) أراد به الكفار منهم كأنّه قال : ومنهم الصّالحون ومنهم سوى الصالحين. وقيل : معناه : ومنهم دون ذلك هم في رمل عالج يعني الذين هم في هذه البلاد من اليهود.