وعن الضحّاك قال : (ألقى الله في فكر النّاهين حتّى باعوا الدّور والمساكن ، وخرجوا من القرية ، فضربوا الخيام خارجا منها ، فأقبل العذاب وهم ينظرون ، فبدأ المسخ من الرّأس حتّى صارت لهم أذناب كأذناب القردة ، فكان النّاهون لا يرون أحدا يخرج من القرية ، قالوا : لعلّ القوم قد خسفوا أو رموا بحجارة من السّماء ، فحملوا رجلا منهم على سلّم فأشرف عليهم ، فإذا هم قردة لهم أذناب ، فصاح فقال : إنّ القوم قد صاروا قردة ، فكسروا الباب ، فدخلوا عليهم منازلهم فإذا هم يبكون ويضربون بالأذناب ، يعرف الرّجل من المرأة ، فقالوا لهم : ألم ننهكم عن معصية الله؟ فأشاروا برؤوسهم : بلى ؛ ودموعهم تسيل على خدودهم).
قال أنس بن مالك عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّه سئل : هل في أمّتك خسف؟ قال : [نعم] قيل : ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال : [إذا لبسوا الحرير ، واستباحوا الزّنا ، وشربوا الخمور ، وطفّفوا المكيال والميزان ، واتّخذوا القينات والمعازف ، وضربوا بالدّفوف ، واستحلّوا الصّيد في الحرم].
وقال عكرمة : (جئت ابن عبّاس وهو يبكي والمصحف في حجره ، فقلت : ما يبكيك؟ قال : هؤلاء الورقات ، فإذا هي سورة الأعراف ، فقال : أتعرف إيلة؟ قلت : نعم ، قال : كان بها حيّ من اليهود في زمان داود ، حرّم عليهم صيد الحيتان ، واختاروا السّبت فابتلوا فيه ، وحرّم عليهم فيه الصّيد ، وأمروا بتعظيمه إن أطاعوا أجروا ، وإن عصوا عذّبوا.
وكانت الحيتان تأتيهم يوم السّبت شرّعا بيضا سمانا كأنّها الكباش تنطح ، ويوم لا يسبتون لا تأتيهم ، فوسوس لهم الشّيطان ، وقال : إنّما نهيتم عن أخذها يوم السّبت ، فاتّخذوا الحياض وكانوا يسوقون إليها الحيتان يوم الجمعة ، فتبقى فيها ولا يمكنها الخروج منها لقلّة الماء فيأخذوها يوم الأحد ، فلمّا رأوا العذاب لا يأتيهم أخذوا وأكلوا وعبّوا وكثر مالهم ، فلعنهم داود عليهالسلام فأصبحوا قردة خاسئين). وقال قتادة : (صار الشّباب قردة ، والشّيوخ خنازير) (١).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٨٦١ و ١١٨٦٢).