وقرأ أهل المدينة (تغفر) بالتاء مضمومة ، وقرأ ابن عامر بتاء مضمومة أخرى (خطيّتكم). وقوله تعالى : (سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) (١٦١) ؛ أي الذين لا ذنب لهم في الدّنيا نزيدهم فضلا في الآخرة ثوابا.
قوله تعالى : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ ؛) أي غيّر الذين ظلموا أنفسهم القول الذي أمروا به ، فقالوا إطة سمقانا ؛ أي حنطة حمراء ، ويقال قالوا حطّة ، (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ ؛) أي عذابا أنزلت بهم نارا وأحرقتهم ، (بِما كانُوا يَظْلِمُونَ) (١٦٢) ؛ بتبديلهم ما أمروا به.
قوله تعالى : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ ؛) معناه : سل يا محمّد يهود المدينة عن القرية التي كانت بقرب البحر وهي مدينة إيله على ساحل البحر بين المدينة والشّام ، وهذا سؤال توبيخ وتقرير وتعريف لهم ، لا سؤال تعريف من قبلهم ، وفي السؤال لهم بيان أنّ يهود المدينة جروا على عادة أسلافهم في التمرّد في المعصية ، فكأنّ الله تعالى أمر نبيّه صلىاللهعليهوسلم أن يسألهم ما فعل الله بأهل تلك القرية ، أليس قد جعلهم الله قردة بمخالفتهم أمر الله ، فما يؤمنّكم في تكذيب محمّد صلىاللهعليهوسلم من عذاب الله.
قوله تعالى : (إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ ؛) أي حيث يتجاوزون الحدّ بأخذهم السّمك في يوم السّبت ، وقد أمروا أن لا يصطادوا فيه ويتفرّغوا للعبادة والطاعة. وقوله تعالى : (إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً ؛) قال ابن عباس : (أي ظاهرة على وجه الماء) (١). وقال الضحّاك : (متتابعة مثل الكباش البيض السّمان يومئذ أن تصاد) (٢). قوله تعالى : (وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ) أي لا يكون يوم السّبت ، كانت الحيتان تغوص في الماء ولا تأتيهم شرّعا.
وقرأ أبو نهيك : (إذ يعدّون في السّبت) بضمّ الياء وكسر العين وتشديد الدال ؛ يهيّؤن الآلة لأخذها. وقرأ ابن السّميقع (في الأسبات) على جمع السّبت. وقرأ بعضهم (إذ تأتيهم حيتانهم يوم أسباتهم شرّعا) فجعلت طائفة من أهل هذه المدينة
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٨٥٤).
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ٤٩٦.