(أسباطا) بدل لا يميّز ، كأنّه قال : قطّعناهم أسباطا اثنتي عشرة). وقرأ أبان بن تغلب ابن زيد عن عاصم (وقطعناهم) بالتخفيف (١).
قوله تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ ؛) أي أوحينا إليه في التّيه حين طلب قومه منه الماء ، (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ ؛) قال ابن عبّاس : (كان حجرا يحملونه معهم على حمار) ولهذا عرّف بالألف واللام.
وقوله تعالى : (فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً ؛) الانبجاس : خروج الماء قليلا ، والانفجار خروجه واسعا ، وإنما قال (فانبجست) ؛ لأن الماء كان يخرج من الحجر في الابتداء قليلا ثم يتّسع فاجتمع فيه صفة الانبجاس والانفجار ، وإنما تفجّر منه اثنتا عشرة عينا ؛ لأنّهم كانوا اثنتي عشرة سبطا ، وكان لا يخالط كلّ سبط السبط الآخر ، (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ ،) كلّ سبط موضع شربه.
قوله تعالى : (وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ) أي ظلّلنا عليهم بالنّهار في التّيه ليقيهم حرّ الشّمس ، (وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى ؛) فالمنّ الترنجبين ، والسّلوى طائر يشبه السّماني. قوله تعالى : (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) أي من خلال ما رزقناكم من المنّ والسّلوى (وَما ظَلَمُونا ؛) أي وما ضرّونا بمخالفتهم أمرنا وإعراضهم عن شكر النعمة ، (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (١٦٠) ؛ ولكن ضرّوا أنفسهم.
قوله تعالى : (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ ؛) أي قيل لهم وقت خروجهم من التّيه اسكنوا القرية أريحا ببيت المقدس ، (وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ ؛) من نعيمها ، (وَقُولُوا ؛) مسألتنا ؛ (حِطَّةٌ ؛) أي احطط عنّا ذنوبنا ، (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً ؛) باب أريحا خاشعين لله خاضعين ، (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ ؛) ما سلف من ذنوبكم باستغفاركم وخضوعكم.
__________________
(١) في أصل المخطوط : أبان بن زيد عن عاصم. والصحيح كما أثبتناه ؛ ينظر : الجامع لأحكام القرآن : ج ٧ ص ٣٠٣. واللباب في علوم الكتاب : ج ٩ ص ٣٥١.