وذكر مقاتل : (أنّ بين الصّين وبينهم واديا جاريا من رمل ، فيمنع الناس من إتيانهم واخبارهم ، إلّا أنّا لا نسمع أخبارهم إلّا من النبيّ صلىاللهعليهوسلم أخبره به ربّه عزوجل ، واخبره به النبيّ صلىاللهعليهوسلم ابن عبّاس. وقال السديّ : (هم قوم بينكم وبينهم نهر من شهد) (١).
قال ابن جريج : (إنّ بني إسرائيل لمّا قتلوا أنبياءهم وكفروا ، تبرّأ هؤلاء القوم منهم وسألوا أن يفرّق الله بينهم وبينهم ، ففتح الله لهم نفقا في الأرض ، فصاروا فيه سنة ونصفا حتى خرجوا من وراء الصين ، فهم هناك مسلمون يصلّون إلى قبلتنا) (٢).
وقال الكلبيّ والربيع : (هم قوم خلف الصّين على نهر يجري على الرّمل سمّي نهر أرداف ، يمطرون باللّيل ، يصبحون بالنهار ويزرعون ، لا يصل إليهم منّا أحد ولا منهم إلينا ، وهم على الحقّ ، ذهب جبريل بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم إليهم ليلة أسري به فكلّمهم.
فقال جبريل : هل تعرفون هذا الذي تكلّمونه؟ قالوا : لا ، قال : هذا محمّد صلىاللهعليهوسلم رسول الله النبيّ الأمّي ، فآمنوا به وقالوا : يا رسول الله ؛ إنّ موسى أوصانا فقال : من أدرك منكم محمّدا صلىاللهعليهوسلم فليقرؤه منّي السّلام ، فردّ محمّد صلىاللهعليهوسلم على موسى وعليهمالسلام ، ثم أقرأهم عشر سور من القرآن أنزلت بمكّة ، ولم يكن يومئذ نزلت فريضة غير الصّلاة والزكاة ، وأمرهم أن يقيموا مكانهم وأمرهم أن يجمّعوا ويتركوا السّبت) (٣).
قوله تعالى : (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً ؛) أي فرّقوا بني إسرائيل اثنتي عشرة فرقة ، والسّبط في ولد اسحق كالقبيلة في ولد إسماعيل ، وإنّما ذكر (اثنتي عشرة) على لفظ التّأنيث وإن كان السبط مذكّرا ؛ لأن الأسباط هي الفرق والجماعات.
فان قيل : كيف قال (أسباطا) بالجمع ولا يجمع ما بعد العشرة على لفظ الجمع ، وإنّما يقال : اثنى عشر درهما ولا يقال اثنى عشر دراهم؟ قيل : ذكر الزجّاج : (أنّ قوله
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٨٤٤).
(٢) تقدم ؛ أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٨٤٥).
(٣) ينظر : اللباب في علوم الكتاب : ج ٩ ص ٣٤٨.