قوله عزوجل : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ؛) قال ابن عبّاس : (كان كلّ رسول يبعث إلى قومه ، وبعث الله محمّدا صلىاللهعليهوسلم إلى قومه وغيرهم). ومعنى الآية : قل يا محمّد إنّي رسول الله إليكم كافّة أدعوكم إلى طاعة الله وتوحيده واتّباعي فيما أدّيته إليكم.
قوله تعالى : (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ؛) تعريف الله الذي أرسله إليهم ، وقوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ؛) أي لا شريك له في الإلهيّة ، ولا خالق ولا رازق غيره ، (يُحيِي وَيُمِيتُ ؛) أي يحيي الخلق من النّطفة ، ويميتهم عند انقضاء آجالهم ، لا يقدر على ذلك أحد سواه. وقيل : معناه : يحيى الأموات للبعث ، ويميت الأحياء في الدّنيا.
قوله تعالى : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ ؛) أي صدّقوا بالله ورسوله النّبيّ الأمّيّ الذي لا يكتب ، فيؤمن من جهته أن «لا» (١) يقرأ الكتب وينقل إليهم أخبار الماضين ، ولكن يتّبع ما يوحى إليه ، وقوله تعالى : (الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ ؛) أي بالله وكتبه. ومن قرأ (وكلمته) فهو عيسى ، وقوله تعالى : (وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (١٥٨) ؛ ظاهر المعنى.
قوله تعالى : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ ؛) أي جماعة ؛ (يَهْدُونَ بِالْحَقِّ ؛) يدعون إلى الحق ، (وَبِهِ يَعْدِلُونَ ؛) (١٥٩) وبه يحكمون وهم مؤمنو أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه.
وروي عن ابن عبّاس : (أنّهم قوم من بني إسرائيل قبل المشرق ، وخلف الصّين عند المطلع أخذوا من بيت المقدس ، فرمي بهم هناك متمسّكين بالتوراة مشتاقين إلى الإسلام ، يعملون بفرائض الله ، بيوتهم مستوية ، والأمانة فيهم فاشية ، قبورهم عند أبوابهم ، لا تباغض بينهم ولا تحاسد ولا حلف ولا خيانة ولا كذب ولا غشّ ، يعملون بالحقّ فيما بينهم بلا أمير ولا قاض ، مرّ بهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة أسري به ، فعرض عليهم الإسلام فقبلوه) (٢).
__________________
(١) ما بين (()) ليس في المخطوط.
(٢) بمعناه أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٨٤٥) عن ابن جريج.