يعني محمّدا صلىاللهعليهوسلم سمّاه أمّيّا لأنه لم يحسن الكتابة ، قال الله تعالى : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ)(١) ، وقال صلىاللهعليهوسلم : [إنّا أمّة أمّيّة لا نكتب ولا نحسب](٢). قوله تعالى : (الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ ؛) يعني نعته وصفته وخاتمه الذي بين كتفيه ونعت أمّته وشريعته.
قوله تعالى : (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ؛) أي بالتوحيد وشرائع الإسلام ؛ (وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ؛) أي عن كلّ ما لا يعرف في شريعة ولا سنّة. قوله تعالى : (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ ؛) أي ما اكتسبوه من وجه طيّب ، (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ ؛) ما اكتسبوه من وجه خبيث ، (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ) يعني ثقلهم ، قال قتادة : (يعني التّشديد الّذي كان عليهم في الدّين وما أمروا به من قبل أنفسهم في التّوراة ، وقطع الأعضاء الخاطئة).
وقال عطاء : (يأمرهم بالمعروف وبخلع الأنداد ومكارم الأخلاق وصلة الأرحام ، وينهاهم عن المنكر أي عن عبادة الأصنام وقطع الأرحام ، ويحلّ لهم الطّيّب يعني الحلال الّتي كانت الجهّال تحرّمها من البحائر والسّوائب والوصائل ، ويحرّم عليهم الخبائث يعني الميتة والدّم ولحم الخنزير والرّبا وغيره من المحرّمات).
قوله تعالى : (وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ ؛) كناية عن الأمور الشّديدة التي كانت عليهم ، كان إذا أصاب ثوب أحدهم شيء من النجاسة وجب قطعه ، وكان عليهم أن لا يعملوا في السّبت.
قوله تعالى : (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ ؛) أي فالذين صدّقوا بهذا النبيّ وعظّموه وأعانوه بالسّيف على الأعداء ، (وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ؛) يعني القرآن الذي ضياؤه في القلوب كضياء النّور في العيون ، (أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١٥٧) ؛ أي الظّافرون بالمراد والبقاء.
__________________
(١) العنكبوت / ٤٨.
(٢) أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب الصوم : باب قول النبي صلىاللهعليهوسلم لا نكتب : الحديث (١٨١٣). ومسلم في الصحيح : كتاب الصيام : الحديث (١٥ / ١٠٨).