قوله تعالى : (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) قال ابن عبّاس : (مغشيّا عليه) (١) ، وقال قتادة : (ميّتا) (٢) ، وقول ابن عبّاس أظهر ؛ لأن الله تعالى قال (فَلَمَّا أَفاقَ) ولا يقال للميت : أفاق من موته ، ولكن يقال : بعث من موته ، كما قال تعالى في حديث السّبعين (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ)(٣).
قوله تعالى : (قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي ؛) أي قال الله : يا موسى إنّي اتخذتك صفوة برسالتي التي أرسلنا إليك وبكلامي معك من غير وحي ، (فَخُذْ ما آتَيْتُكَ ؛) أي اعمل بما علّمتك من التوراة ، (وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (١٤٤) ؛ لما أعطيتك وأكرمتك.
قوله عزوجل : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) أي في تسعة ألواح من الزّبرجد الأخضر ، وقيل : من الياقوت الأحمر أعطاها الله موسى وفيها التوراة كنقش الخاتم ، طول كلّ لوح عشرة أذرع.
وقوله تعالى : (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) يعني من أمور الدّين ، وقوله تعالى : (مَوْعِظَةً ؛) يعني ما يدعو إلى الطاعة ، وزجر عن المعصية بالوعد والوعيد وأخبار الأمم الماضين. وقوله تعالى : (وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ ؛) معناه : لكلّ أمر من أمور الدّين من الحلال والحرام والأمر والنّهي.
قوله تعالى : (فَخُذْها بِقُوَّةٍ ؛) أي اعمل بها بجدّ في طاعة الله ومواظبة عليها. قوله تعالى : (وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها ؛) أي أمر قومك يعملوا بأحسن ما بيّن لهم فيها ؛ أي أمروا بالخير ونهوا عن الشرّ ، وعرفوا ما لهم في ذلك ، فمرهم يأخذوا بالأحسن. ويقال : مرهم يأخذوا بالفرائض والنوافل دون المباح الذي لا حمد فيه ولا ثواب. وقيل : معناه (يأخذوا) بالناسخ والمنسوخ.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٧٠٩) عن ابن عباس ، والأثر (١١٧١١) عن ابن زيد.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٧١٤).
(٣) البقرة / ٥٦.