قوله تعالى : (سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ) (١٤٥) ؛ أي سوف أريكم جهنّم في الآخرة هي دار الخارجين عن طاعة الله ، ويقال : أراد به ما مرّوا عليه في سفرهم من منازل عاد وثمود والقرون الذين أهلكوا بالتكذيب.
وقال قتادة : (معناه سأدخلكم النّار وأريكم منازل الكافرين) (١). وقيل : معناه سأريكم دار فرعون وقومه وهي مصر.
قوله تعالى : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ؛) أي سأجعل جزاء المتكبرين الذين لا يؤمنون بالمعجزة الإضلال عن الهدى ، وعن معرفة ما أودع الله في الكتاب يقرؤونه ولا يفهمون ما أراد الله به.
وقيل : معناه : سأصرفهم عن الاعتراض على آياتي بالإبطال ، وقيل : معناه : سأصرف عن نيل ما في آياتي من العزّ والكرامة ، ويعني بالذين يتكبّرون في الأرض بغير الحقّ هم الذين يرون أنّهم أفضل الخلق ، وأنّ لهم ما ليس لغيرهم.
قوله تعالى : (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها ؛) معناه : وإن يروا كلّ آية تدلّ على وحدانيّة الله ونبوّة الأنبياء لا يصدّقوا بها ، (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ ؛) أي سبيل الإسلام ، (لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ؛) دينا لأنفسهم ، يعني هؤلاء المتكبرين. وقرأ حمزة ومجاهد والأعمش والكسائيّ بالفتح الاستقامة في الدّين ، والرّشد بضمّ الراء الاصلاح. وقرأ أبو عبد الرحمن : (وإن يروا سبيل الرّشاد) بالألف. وقرأ مالك بن دينار : (وإن يروا) بضمّ الياء.
قوله تعالى : (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا ؛) يحتمل أن يكون ذلك موضع الرفع على معنى أمرهم ذلك ، ويحتمل أن يكون نصبا على معنى فعل الله ذلك بهم بتكذيبهم بآياتنا ، قال مقاتل : (أراد بقوله بآياتنا التّسع) كأنه ذهب إلى أنه هذا كلّه خطاب موسى. وقال الكلبيّ : (معنى (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا) بمحمّد صلىاللهعليهوسلم والقرآن) (٢) وذهب إلى أنّ قوله : (سأصرف) خطاب
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٧٤١).
(٢) في الدر المنثور : ج ٣ ص ٥٦٢ ؛ قال السيوطي : ((أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سفيان بن عيينة قال : (أنزع عنهم فهم القرآن).))