وقيل : كان فرعون قد صنع أصناما صغارا ، وأمر قومه بعبادتها ، وقال : أنا ربّ هذه الأصنام الأعلى ، وهم أربابكم.
وقرأ الحسن : (وما تنقم) بفتح القاف لغتان ، قال الضّحاك : (معناه : وما تطغى علينا). وقال عطاء : (ما لنا عندك من ذنب تعذّبنا عليه إلّا أن آمنّا بآيات ربنا). وقرأ الحسن : (ويذرك) بالرّفع عطفا على (أتذر). وقرأ ابن مسعود وابن عبّاس والضحّاك : (وآلهتك) أي عبادتك ، فلا يعبدك.
وقيل : أراد بالآلهة الشّمس ، وكان فرعون وقومه يعبدونها. وقال ابن عبّاس : (كان لفرعون بقرة يعبدها ، وكانوا إذا رأوا بقرة حسناء أمرهم أن يعبدوها ، فكذلك أخرج لهم السّامريّ عجلا). وروي : أنه قيل للحسن : هل كان فرعون يعبد شيئا؟ قال : (نعم ؛ كان يعبد تيسا).
قوله تعالى : (قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ ؛) أي قال فرعون : سنعود إلى قتل أبنائهم واستخدام نسائهم عقوبة له كما كنّا نفعل وقت ولادة موسى. وقوله تعالى : (وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ) (١٢٧) ؛ أي مستعلون عليهم بالقوّة.
فشكت بنو إسرائيل إلى موسى ف ، (قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا ؛) أي استيعنوا بالله على دفع بلاء فرعون عنكم ، واصبروا على دينكم ، (إِنَّ الْأَرْضَ ؛) التي أنتم فيها ؛ (لِلَّهِ يُورِثُها ؛) أي يسكنها ، (مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ؛) فيورثكم هذه الأرض بعد إهلاك فرعون وقومه ، (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (١٢٨) ؛ أي آخر الأمر للذين يتّقون الله. وقيل : أراد بالعاقبة الجنة في الآخرة. وقيل : النصر والظّفر. وقيل : السعادة والشهادة.
قوله تعالى : (قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا ؛) قال ابن عبّاس : (وذلك أنّ فرعون عاد إلى قتل أبنائهم ، وزاد في إتعابهم في العمل ، إذ كان يستعملهم قبل مجيء موسى بضرب اللّبن والبناء ، فلمّا أتاهم موسى غضب وكلّفهم أيضا أشدّ من ذلك).