قوله تعالى : (يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ) (١١٢) ؛ قال ابن عبّاس : (كانوا سبعين ساحرا غير رئيسهم ، وكان اللّذان يعلّمانهم مجوسيّين من أهل نينوى) (١). وقال محمد بن إسحق : (كانوا خمسة عشر ألف ساحر ، مع كلّ واحد منهم حبل وعصا) (٢). وقال كعب : (كانوا عشرين ألفا) (٣). وقال ابن المنكدر : (كانوا ثمانين ألفا). وقال مقاتل : (كان رئيس السّحرة شمعون).
(وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ ،) فلما اجتمعوا ، (قالُوا ؛) لفرعون : (إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ) (١١٣) ؛ أي جعلا ومالا ؛ (قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) (١١٤) ؛ عندي في المنزلة. قال الكلبيّ : (أي أوّل من يدخل عليّ وآخر من يخرج).
قوله تعالى : (قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ) (١١٥) أي قالت السّحرة : يا موسى! إمّا أن تلقي ما معك من العصا ، وإمّا أن نلقي نحن ما معنا من العصيّ والحبال قبلك. (قالَ أَلْقُوا ؛) ما معكم من الحبال والعصيّ ، (فَلَمَّا أَلْقَوْا ؛) ذلك ؛ (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ ؛) أي أخذوا بها أعين النّاس ، واستدعوا رهبتهم حتى رهبهم الناس ، (وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) (١١٦) ؛ في أعين النّاس.
وكانوا قد جعلوا فيها الزّئبق بعد أن صوّروها بصورة الحيّات ، فلمّا أوقفوها في الشّمس اضطربت باضطراب ما فيها من الزّئبق ؛ لأنه لا يستقرّ ؛ ومتى يزداد مكثه في الشمس زادت حركته ، وخيّل إلى موسى أنّ حبالهم وعصيّهم حيّات كما كانت عصا موسى عليهالسلام.
فإن قيل : كيف يجوز من موسى عليهالسلام أن يأمرهم بالإلقاء ؛ وكان إلقاؤهم إرادة منهم مغالبة موسى ؛ وذلك كفر ؛ ولا يجوز على الأنبياء أن يأمروا بالكفر؟ قيل :
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٥٩٦).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٥٩٥).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٥٩٨).