قوله تعالى : (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (١٠٣) ؛ أي فانظر كيف صار آخر أمر المفسدين في العقاب. قال ابن عبّاس : (كان طول عصا موسى عشرة أذرع على طوله ، فكانت من آس الجنّة ، وكان يضرب بها الأرض فيخرج بها النّبات ، ويلقيها فإذا هي حيّة تسعى ، ويضرب بها الحجر فيتفجّر ، وضرب بها باب فرعون ففزع منها ؛ فشاب رأسه ؛ فاستحيا فخضّب بالسّواد ، وأوّل من خضّب بالسّواد فرعون).
قوله تعالى : (وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٠٤) وذلك أنّ موسى دخل على فرعون ومعه أخوه هارون ، بعثهما الله إليه بالرّسالة ، فقال موسى : يا فرعون! إنّي رسول من رب العالمين. فقال له فرعون : كذبت! فقال موسى : (حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ ؛) أي جدير بأن لا أقول على الله إلّا الحقّ. وقرأ نافع : (عليّ) بالتشديد ؛ أي واجب عليّ أن لا أقول على الله إلّا الحقّ.
وقوله تعالى : (قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ؛) أي برهان وحجّة من ربكم ، (فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ) (١٠٥) ؛ أي فأطلق بني إسرائيل ، ولا تستعبدهم لأحملهم إلى الأرض المقدّسة. وكان فرعون وقومه القبط يكلّفون بني إسرائيل الأعمال الشّاقّة ، مثل حمل الطّين والماء وبناء المنازل وأشباه ذلك.
وقوله تعالى : (قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ ،) معناه : قال فرعون : إن كنت جئت بعلامة لنبوّتك ، (فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (١٠٦) ؛ في أنّك رسول الله ؛ (فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ) (١٠٧) ؛ أي ثعبان بيّن لا لبس فيه ولا تشبيه على أحد أنه ثعبان.
فالثّعبان : الحيّة الصّفراء الذكر الأشعر أعظم الحيّات ؛ لها عرف كعرف الفرس. روي أنّها : ملأت دار فرعون ، ثم فتحت فاها وأخذت قبّة فرعون بين فكّيها ، وتضرّع فرعون إلى موسى ، وهرب الناس واستغاثوا بموسى ، فأخذها موسى فإذا هي عصا بيده كما كانت.