(إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٨٥) ؛ أي مصدّقين بالله ورسوله. وقد كان لشعيب عليهالسلام آية تدلّ على نبوّته ، كما قال تعالى : (قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) إلا أنّها لم تذكر في القرآن كما أنّ أكثر معجزات نبيّنا صلىاللهعليهوسلم «ليست» مذكورة في القرآن.
قوله تعالى : (وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ ؛) أي لا تقعدوا على طريق تخوّفون وتصرفون عن دين الله وطاعته من آمن بالله ، وذلك أنّهم كانوا يخوّفون بالقتل كلّ من قصد شعيبا بالإيمان به. وقوله تعالى : (وَتَبْغُونَها عِوَجاً ؛) أي تطلبون بها غيرا وزيغا وعدولا عن الحقّ.
قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ ؛) أي احفظوا نعم الله عليكم إذ كنتم قليلا في العدد (فكثّركم) فكثّر عددكم ، ويقال : معنى (فكثّركم) : جعلكم أغنياء ذوي قدرة بعد أن كنتم ضعفاء فقراء.
وقوله تعالى : (وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (٨٦) ؛ أي تفكّروا كيف كان آخر أمر من كان قبلكم من الكفّار في إهلاك الله تعالى لهم ، وإنزال العذاب بهم ، فتحذروا من سلوك مسالكهم.
قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا ؛) معناه : وإن كان جماعة منكم صدّقوا بالّذي أرسلت به ، وجماعة لم يصدّقوا ، (فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا ؛) أي حتّى يقضي الله بين المؤمنين والكافرين ، (وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) (٨٧) ؛ وهو أعدل القاضين ؛ سيجزي كلّ واحد من الفريقين ما يستحقّه على عمله في الدنيا والآخرة. فقضى الله بهلاك قوم شعيب.
قوله تعالى : (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا ؛) أي قال الّذين تعظّموا عن الإيمان به : لنخرجنّك يا شعيب والّذين آمنوا معك من قريتنا أو لترجعنّ إلى ديننا ، ولا ندعكم في أرضنا على مخالفتنا. (قالَ ؛) شعيب : (أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ) (٨٨) ؛ معناه : أتعيدوننا في ملّتكم وتجبروننا على ذلك وإن كرهنا.