إلّا زوجته كانت على دينهم ، وقوله تعالى : (كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) (٨٣) ؛ أي من الباقين في الغبراء ؛ غبرت فيمن غبر. ومعناه : بقيت في العذاب ولم تذهب معه ، فهلكت مع القوم فيمن هلكوا.
قوله تعالى : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) (٨٤) ؛ قال ابن عبّاس : (أمطرت الحجارة على مسافرهم وعلى الّذين لم يكونوا معهم بالمدينة حتّى هلكوا ، فأمّا المدينة فقد جعل الله عاليها سافلها). ويقال : أمطروا أوّلا بالحجارة ، ثم خسفت بهم الأرض.
وأما الألف في قوله : (وَأَمْطَرْنا ؛) قال بعضهم : يقال لكلّ شيء من العذاب : أمطرت بالألف ؛ وللرّحمة : مطرت. وقال بعضهم : أمطرت ومطرت بمعنى واحد. قوله تعالى : (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) أي فانظر من معك في آخر أمر الكافرين المكذّبين كيف فعلنا بهم.
قوله تعالى : (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ ؛) معناه : ولقد أرسلنا إلى مدين أخاهم شعيبا. قال الضّحاك : (كان شعيب أفضلهم نسبا ؛ وأصدقهم حديثا ؛ وأحسنهم وجها) يقال : إنه بكى من خشية الله حتى ذهب بصره وصار أعمى. وأما مدين ؛ فإنه مدين بن إبراهيم خليل الله ، تزوّج رئياء بنت لوط ؛ فولدت له وكثر نسله ، فصارت مدين مدينتهم أو قبيلتهم.
قوله تعالى : (قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ؛) أي برهان ودلالة من ربكم على نبوّتي ، (فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ ؛) أي أدّوا حقوق الناس بالمكيال والميزان على التّمام ، (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ ؛) أي ولا تنقصوا شيئا من حقوقهم ، (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها) أي لا تعلوا فيها بالمعاصي بعد إصلاح الله إيّاها بالمحاسن.
وقيل : معناه : لا تظلموا الناس في الأرض بعد أن منّ الله فيها بالعدل ، (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ ؛) أي إيفاء الحقوق وترك الفساد في الأرض خير لكم ،