وكان صالح عليهالسلام لا ينام في القرية ، وكان له مسجد خارج القرية يقال له : مسجد صالح يبيت فيه ، فإذا أصبح أتاهم ووعظهم ، فإذا أمسى خرج إلى المسجد. فانطلقوا ودخلوا الغار ، فلما كان بالليل سقط عليهم الغار فقتلهم ، فلما أصبحوا رآهم رجل فصاح في القرية فقال : ما رضي صالح حتى قتلهم ، فاجتمع أهل القرية على عقر النّاقة) (١).
وقال ابن إسحق : (إنّما اجتمع التّسعة الّذين عقروا النّاقة ، فقالوا : هلمّ لقتل صالح ، فإن كان صادقا فأعجلنا قتله ، وإن كان كاذبا ألحقناه بناقته. فأتوه ليلا ليبيّتوه في أهله ، فدمغتهم الملائكة بالحجارة) (٢).
وقال بعضهم : انطلق قدار ومصدع وأصحابهما التسعة ، فرصدوا الناقة حين صدرت على الماء ، وقد كمن بها قدار في أصل صخرة على طريقها ، وكمن لها مصدع في أصل صخرة أخرى ، فمرّت على مصدع فرماها بسهم ، فانتظم به عضلة ساقها ، ثم خرج قدار فعقرها بالسّيف ، فجرت ترغو ، ثم طعنها في لبّتها ونحرها ، وخرج أهل البلد واقتسموا لحمها. فلما رآها سقبها على ذلك ، هرب يرغو فرغا ثلاثا ودموعه تنحدر حتى أتى الصخرة التي خلق منها ، فانفتحت له فدخلها.
فبلغ صالحا عليهالسلام عقر النّاقة ، فأقبل إليهم ، فجعلوا يعتذرون إليه ويقولون : إنّما عقرها فلان ولا ذنب لنا. فقال صالح : أنظروا ؛ هل تدركون سقبها؟ فإن أدركتموه فعسى أن يرفع عنكم العذاب. فخرجوا في طلبه فلم يجدوه ، فقال صالح : يا قوم ؛ لكلّ دعوة أجل ؛ يا قوم تمتّعوا في داركم ثلاثة أيّام ، ذلك وعد غير مكذوب.
وقال ابن إسحق : (عقروا النّاقة وسقبها ، وألقوا لحمه ولحم أمّه ، فقال لهم صالح : أبشروا بعذاب الله ونقمته. فقالوا له : وما علامة ذلك؟ قال : تصبحون غدا وجوهكم مصفرّة ، وبعد غد محمرّة ، وبعد ذلك مسودّة. وكانوا عقروها يوم الأربعاء.
__________________
(١) القصة بكاملها ذكرها البغوي في معالم التنزيل : ص ٤٧٣ ـ ٤٧٥.
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ٤٧٦.