قوله تعالى : (فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ ؛) أي دعوها ترتع في أرض الحجر من العشب ، (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ ؛) أي بقتل أو ضرب أو مكروه ، (فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٧٣) ؛ أي مؤلم إن فعلتم ذلك.
قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ) أي واذكروا إذ استخلفكم في الأرض من بعد هلاك عاد ، (وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً ؛) أي وأنزلكم في الأرض الحجر تبنون في سهولها قصورا في العيص (١) ، (وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً ؛) في طول الشّتاء. وقيل : إنّهم لطول أعمارهم كانوا يحتاجون أن ينحتوا من الجبال ؛ لأن السّقوف والأبنية كانت تبلى قبل فناء أعمارهم. قوله تعالى : (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ ؛) أي احفظوا نعم الله عليكم ، (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (٧٤) ؛ أي ولا تعملوا في الأرض بالمعاصي والدّعاء إلى غير عبادة الله تعالى.
قوله تعالى : (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ؛) أي قال الأشراف الرّؤساء منهم الذين تعظّموا عن الإيمان به (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ) للّذين استضعفوا من المؤمنين : أتعلمون أنّ صالحا مرسل إليكم من ربه؟
وفي هذا ذمّ للكافرين من وجهين ؛ أحدهما : الاستكبار ؛ وهو رفع النّفس فوق قدرها وجحود الحقّ. والآخر : أنّهم استضعفوا من كان يجب أن يعظّموه ويبجّلوه. وفي ؛ (قالُوا ؛) أي قول قوم صالح : (إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ) (٧٥) ؛ مدح لهم حيث ثبتوا على الحقّ ، وأظهروه مع ضعفهم من مقاومة الكفّار.
وقوله تعالى : (قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) (٧٦) ؛ أي قال رؤساؤهم الذين تعظّموا عن الإيمان بصالح عليهالسلام : إنّا بالّذي صدّقتم به من رسالته جاحدون.
__________________
(١) العوص : ضد الإمكان واليسر. وعوّص الرجل إذا لم يستقم في قول ولا فعل. لسان العرب : (عوص).