المؤمنين ؛ والله إنّك نعتّه نعت رجل قد رآه! قال : (إنّي لم أره ؛ ولكنّي حدّثت عنه). قال : يا أمير المؤمنين ؛ وما شأنه؟ قال : فيه قبر هود عليهالسلام) (١).
وعن عبد الرّحمن بن السّائب (٢) ؛ قال : (بين الرّكن والمقام وزمزم تسعة وتسعين نبيّا ، وإنّ قبر هود وشعيب وصالح وإسماعيل في تلك البقعة) (٣). وفي بعض الأخبار : أنه كان إذا هلك قوم نبيّ ونجا هو ومن معه ، أتى مكّة بمن معه ، فيعبدون الله فيها حتّى يموتوا.
قوله تعالى : (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ ؛) أي وأرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا في النّسب. وثمود : اسم للقبيلة ؛ سمّوا بهذا الاسم لأنّهم كانوا على عين قليلة الماء ، وموضعهم بالحجر بين الشّام والمدينة ، والثّمد : الماء القليل. وثمود في كتاب الله مصروف وغير مصروف ، قال الله تعالى : (أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ)(٤) فصرف الأوّل دون الثاني ، فمن صرفه جعله اسما للحيّ ؛ فيكون مذكّرا سمّي به مذكّر ، ومن لم يصرفه جعله اسما للقبيلة.
قوله تعالى : (قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ؛) أي دلالة فاصلة بين الحقّ والباطل من ربكم. وقوله تعالى : (هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً ؛) إشارة إلى ناقة بعينها. قال ابن عبّاس : (أتاهم صالح عليهالسلام بناقة من الصّخرة الملساء بمسألتهم ، فتحرّكت الصّخرة بدعائه ، فانصدعت عن ناقة عشراء ، فلم يؤمنوا). وفي بعض الرّوايات : أخرج الله من الصخرة ناقة ، خلفها سقبها (٥) الّذي ولدته. قوله تعالى : (لَكُمْ آيَةً) أي علامة لنبوّتي ، فتعتبروا وتوحّدوا ربّكم.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٤٩٢).
(٢) في المخطوط : (عبد الرحمن بن السائط) وهو تحريف ، والصحيح عبد الرحمن بن السائب ، أخو عبد الله بن السائب ، قتل يوم الجمل ، ترجم له ابن عبد البر في الاستيعاب : الرقم (١٤٢٥).
(٣) ذكره أيضا الثعلبي في الكشف والبيان : ج ٤ ص ٢٥٠.
(٤) هود / ٦٨.
(٥) السّقب : ولد الناقة ، أو ساعة يولد. ينظر : ترتيب القاموس المحيط : (سقب) : ج ٢ ص ٥٧٨.